2025-04-26
السادس والعشرون من أبريل عام 1986، الساعة الواحدة و23 دقيقة بالتوقيت المحلي، المكان المحطة النووية في مدينة تشرنوبيل من مقاطعات الاتحاد السوفياتي سابقا، أوكرانيا حاليًا، انفجار المفاعل الرابع إثر خطأ في محاولة لإغلاق توربينات المياه المستخدمة في تبريد اليورانيوم وتوليد الكهرباء لتتسرب 8 أطنان من المواد المشعة إلى الغلاف الجوي، كمية الإشعاع قدرها العلماء بـ400 مرة عن قنبلة هيروشيما وناكازاكي في الحرب العالمية الثانية.
الكارثة الأسوأ في تاريخ البشرية تسببت بحسب الرواية السوفياتية حينها بمصرع 31 شخصًا من العاملين ورجال الإطفاء بالمحطة، وقدرت الأمم المتحدة القتلى بـ4 آلاف شخص، في حين قدرتهم السلطات الأوكرانية بـ8 آلاف، وشككت منظمات دولية أخرى في هذه الأرقام، إذ قدرتها بـ90 ألف شخص، فيما سجلت المنظمة الطبية الألمانية ضد الحرب النووية إصابة 4 آلاف شخص في مِنطقة الحادث بسرطان الغدة الدرقية أكثر من أي أنواع أخرى من السرطان.
الكارثة النووية تسببت يومها في إجلاء أكثر من 100 ألف شخص من المناطق المجاورة لمكان المفاعل الذي تم حجره إلى يومنا هذا، وتلوث نحو مليون و400 ألف هكتار من الأراضي الزراعية في كل من أوكرانيا وبيلاروسيا بالإشعاعات الملوثة، ورغم الجهود السوفياتية حينها بإرسال أكثر من نصف مليون شخص للمساعدة في التعامل مع مثل هذه الحوادث ومحاولة الحد من التسربات ببناء أعمدة صلبة حول المفاعل بسرعة قصوى، فإن سرعة الرياح سبقتهم بتسرب سحابة مشعة إلى خارج حدود المقاطعة، عكرت صفو سماء أوروبا.
لكن الأسوأ أن ما يعرف بقدم الفيل وهو عبارة عن كتلة ضخمة من المواد المشعة الانشطارية من مخلفات الانفجار والتي تقدر بـ200 طن من المواد المشعة انصهرت وكونت مادة الكوريوم الأخطر على الإطلاق، وهي شبيهة بالحمم البركانية، بقيت داخل المفاعل والمحطة المغلقة والمعزولة بالكامل، هذه الكتلة ورغم انطفائها بوصولها إلى قبو المفاعل بإمكانها أن تقتل الإنسان إذا ما اقترب منها في أقل من ساعتين.
اليوم، وبمرور 39 عامًا على الكارثة الأسوأ، تشير الإحصائيات الرسمية لوزارة الصحة الأوكرانية إلى تعرض أكثر من 8 ملايين شخص للإشعاعات النووية وأن مليوني شخص من سكان البلاد ما زالوا يعانون حتى الآن بأشكال متفاوتة من الكارثة، كما تضاعفت المخاوف من ضربات جديدة وعودة التسربات منذ اندلاع حرب روسيا الأخيرة على أوكرانيا.
لكن وكالات الأمم المتحدة تسعى -أكثر من أي وقت مضى- إلى تأمين السلامة النووية، منذ انطلاق جهودها في عام 1990 بإقرار التعاون الدولي في معالجة الآثار الناجمة عن حادثة تشرنوبيل وتخفيفها وإنعاش المدينة، فأنشأت الصندوق الائتماني لتشرنوبيل، حيث يعمل حاليًا على ما يزيد على 230 مشروعًا من مشاريع البحوث والمساعدة في مجالات الصحة وإعادة التأهيل والبيئة وإنتاج الأغذية النظيفة والسلامة النووية، كما منحت أكثر من 45 دولة مليارين و200 مليون يورو للإنشاء والتعمير، واعتمد نهج متكامل للتنمية المستدامة لتلبية احتياجات المناطق والمجتمعات المتأثرة، وواصلت الوكالات والصناديق والبرامج العمل الوثيق مع حكومات بيلاروسيا والاتحاد الروسي وأوكرانيا لتقديم المساعدة الإنمائية للمجتمعات المتأثرة بتشرنوبيل.
تقرير: حذام عجيمي