2025-07-05
في الوقت الذي أصبحت فيه الشاشات امتدادًا لأيدينا، وأصوات الإشعارات تقاطع صمت الأفكار، قررت هولندا أن تعيد ترتيب الأولويات، وتستعيد الفصول الدراسية من بين براثن التكنولوجيا المشتتة.
قرار بدأ بهدوء في مطلع عام 2024، لكنه حرك صمتًا عميقًا في فصول المدارس، لا مزيد من الهواتف المحمولة في الصفوف الدراسية، وبقرار صارم بحظرها نهائيًا مع استثناءات دقيقة طبية، انطلقت الحكومة الهولندية في دراسة حديثة شملت 317 مؤسسة تعليمية بين الابتدائي والثانوي.
فكان الحصاد مفاجئًا وسارًا، والنتائج جاءت صريحة، مع اختفاء الهواتف تحسنت حياة الطلاب، تركيز ارتفع، وعقول انفتحت، وصداقات نمت بعيدًا عن أعين الكاميرات وعدسات القصص التافهة.
وبنسبة تقارب 75 بالمئة تحسن التركيز لدى الطلاب، ولاحظ ثلثهم تقدمًا في الأداء الأكاديمي، فيما تنفس ثلثاهم الأجواء الاجتماعية داخل المعاهد بنسمات جديدة من الحيوية والدفء.
في المقابل، أفادت دراسة في فبراير المنقض بجامعة بيرمنغهام الإنجليزية بأن حظر الهواتف الذكية لا يؤدي بالضرورة إلى تحسين الصحة النفسية والرفاهية عند الطلاب، إضافة إلى مؤشرات أخرى كالتحصيل الدراسي، والنشاط البدني والنوم والأكل.
وشملت الدراسة 1227 طالبًا من 30 مدرسة حول إنكلترا، عشرة منها تبنت سياسة أقل صرامة بالسماح لطلابها باستعمال الهواتف في الاستراحة والأماكن المفتوحة.
فجاءت النتائج مختلفة عن الدراسة الهولندية، وأظهرت أن السياسة التقييدية الصارمة ليست كافية لمعالجة التأثيرات السلبية لهذه الأجهزة، ولم يلاحظ تحسن في المؤشرات للطلاب الذين يرتادون مدارس تحظر الهواتف مقارنة التي تسمح بها في أوقات معينة.
وإذا كانت التجربة الهولندية قد علمتنا شيئًا، فقد لا تكون الهواتف شرًا مطلقًا، لكنها في الفصل الدراسي تعني تشتيتًا، ومقارنة، وهروبًا من الحاضر، وأن التعليم لا يحتاج إلى شبكة إنترنت، بل إلى شبكة علاقات حقيقية، وانتباه، وإنصات، وكلما ابتعد الطالب عن هاتفه، اقترب من نجاحه.
تقرير: حذام عجيمي