2025-06-16
أصدقاء الأمس أعداء اليوم، هكذا تختصر واحدة من أكثر العلاقات تقلبا وغموضًا في الشرق الأوسط، إيران وإسرائيل، فبعيد نكبة عام 1948 وقيام دولة إسرائيل، لم تكن طهران من بين خصومها، بل كانت ثاني دولة إسلامية تعترف بها، بعد تركيا.
في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، رسمت إسرائيل سياستها الإقليمية وفق ما عرف بعقيدة المحيط، استراتيجية قائمة على كسر طوق العداء العربي ببناء علاقات مع قوى غير عربية، ومن هنا كانت إيران تحت حكم الشاه محمد رضا بهلوي شريكًا ذهبيًا.
العلاقة لم تكن شكلية، بل استراتيجية. طهران تمد تل أبيب بالنفط خلال نكسة حزيران عام 1967، في وقت كانت فيه أبواب العرب مغلقة، وفي المقابل، ساعدت إسرائيل إيران في تطوير بناها التحتية عبر شركات مشتركة ونشاط تجاري مكثف، واستمرت العلاقة الذهبية حتى جاءت سنة 1979.
عاد الخميني من المنفى، ورفعت الثورة الإسلامية شعار العداء الصريح، إسرائيل الشيطان الأصغر، وأميركا الشيطان الأكبر، فتبدلت التحالفات، وتحولت السفارات إلى ساحات مواجهة رمزية.
عام 1980، اندلعت الحرب بين العراق وإيران، وجدت طهران نفسها بحاجة ماسة إلى السلاح، ومن رحم الأزمة ولدت صفقة غير مألوفة، عرفت باتفاق إيران - كونترا مع الولايات المتحدة، والتي فتحت منفذًا غير مباشر للسلاح الإسرائيلي إلى الداخل الإيراني.
معهد جيف للدراسات الاستراتيجية قدر تلك الصفقة بـ 500 مليون دولار من الأسلحة، تم تسديدها بنفط إيراني، رغم أن طهران تنكر القصة حتى اليوم.
لكن سرعان ما طويت صفحة السلاح، وتحول العداء إلى مسار تصعيد دائم. فإيران ما بعد الحرب أسست ودعمت أذرعًا عسكرية في محيط إسرائيل، حزب الله في لبنان، وحماس في غزة، وردًا على ذلك صرح إسحاق رابين بأن التهديد الحقيقي لم يعد عربيًا، بل إيراني.
منذ تولي بنيامين نتنياهو رئاسة الوزراء للمرة الأولى عام 1996، صارت طهران في صميم عقيدته الأمنية، ولا سيما برنامجها النووي المتسارع.
ومع وصول أحمدي نجاد إلى رئاسة إيران عام 2008، بلغت التوترات ذروتها، هجمات إلكترونية على منشآت إيران النووية، وتهديدات إيرانية مفتوحة بتدمير إسرائيل.
وبين هذا وذاك، ظل الخط الرفيع بين العداء الكامل والحرب المباشرة قائمًا، إلى أن انفجر أخيرًا، لتعود العلاقات إلى نقطة الغليان. فالحرب بين إيران وإسرائيل اليوم ليست وليدة لحظة، بل انفجار متأخر لتحالف دفنته الثورة وأيقظته الذرة.
تقرير: رائد المواس