2025-06-19
وسط سحب من الغموض والرسائل المتضاربة، وبين التهديد المباشر وحتمية الانضمام إلى صراع محتدم إلى جانب إسرائيل، تتداخل الكلمات لتولد تساؤلات: هل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الرجل الذي أرّق العالم بتصريحاته المتناقضة، يتعامل بجدية مع ملف الحرب، أم أنه يعزف سيمفونية ضبابية مدروسة يصوغها كستار يخفف من وقع التوتر؟
العداء الأميركي الإيراني تمتد جذوره إلى ربيع الثورة الإسلامية في عام 1979، لكنه انفجر فجأة كبركان في مايو 2018، حين أعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي. ذلك الاتفاق الذي بدا يوماً كجسر سلام هش. القرار لم يكن صاعقة، وكان متوقعاً، لكنه مثّل شرارة أشعلت نيران تصعيد متسارعة أربكت حتى أكثر الحلفاء وفاءً لواشنطن.
ترامب، المعروف برفضه الحروب الطويلة والأبدية، أظهر في 2019 جانباً آخر من شخصيته، حين أوقف ضربة عسكرية على إيران قبل دقائق من تنفيذها، وكأنه أطفأ شمعة على أعتاب عاصفة.
ثم جاء عام 2020، والضربة التي هزت المنطقة: اغتيال قائد فيلق القدس، قاسم سليماني.
خطوة جريئة من ترامب، رغم أنها لم تحظَ بقبول واسع بين أعضاء الكونغرس، لكنها شكّلت لحظة فاصلة، استعراض قوة مباشر قلب موازين الصراع وفتح أبواب مواجهة جديدة.
وسط هذه الخلفية، تتكرر السيناريوهات المشابهة لتلك التي سبقت حرب العراق في عهد جورج بوش.
ترامب بدا وكأنه يراقب عبر عدسة الزمن، متجنباً خطأ كلّف واشنطن الكثير من الأرواح، لكنه لم يتخلَّ عن لعبة الضغط التي لم تساعد حتى الآن في تهدئة أعاصير الشرق الأوسط.
حادثة استهداف محيط مستشفى سوروكا في تل أبيب من قبل الصواريخ الإيرانية جاءت كشرارة محتملة لإشعال فتيل الحرب، ودخول الطائرات الأميركية إلى جانب الإسرائيلية بقصف الأهداف الإيرانية. لكن من الممكن أن تكون لترامب ورقة ضغط جديدة في وجه طهران.
فما بين التصعيد والتراجع، وبين الخوف من حرب شاملة والرغبة في فرض الهيبة، تظل تصريحاته حول إيران سحابة ضبابية تخفي تحتها استراتيجية محكمة. استراتيجية يراها أصحاب القرار في إدارته ليست عشوائية، بل هي قناع يتخفى وراءه رئيس لا يؤمن بحل النزاعات عبر القوة العسكرية فقط، بل يرى في الاقتصاد سلاحاً أخطر، وضغطاً يقطع أوصال الخصم بلا دماء.
تقرير: رائد المواس