في الحرب، لم يكن القاتل يوما مجهولا.

كان دائما يحمل رتبة، أو وجها، أو بصمة على الزناد.

لكن اليوم، القاتل قد يكون سطرا في كود برمجي.

السماء مليئة بالطائرات، صغيرة، وصامتة، وأخرى بلا طيار.

لا أحد يجلس في قمرة القيادة، ولا أصابع على الأزرار.

فمن يطلق النار إذا؟

أهلا بك في زمن الدرون الذكي، حيث الطائرة لم تعد تنتظر أمرا بشريا، بل تتبع خوارزمية تحلل، وتقارن، وتقرر، وتنفذ.

صورة حرارية، أو إشارات هاتف، تنقل خطرا محتملا.

والخطر، كما تعرفه الخوارزمية، يستحق الموت.

هذه هي الحرب الجديدة، سرعة القرار فيها أهم من صحته، والدقة مجرد احتمال.

من كابول إلى كييف، مرورا بغزة وبيروت، والآن في طهران، المعادلة تتكرر:

الخطر المحتمل يكافأ بنيران مؤكدة، والدم يفسر لاحقا.

تدرب هذه الخوارزميات شركات التكنولوجيا، وتمولها وزارات الدفاع، ولكن من يراجع قراراتها؟ لا أحد.

الهدف لا يعرف اسم المهندس الذي كتب الكود، ولا يعلم متى تم إدخاله إلى قاعدة البيانات.

لكنه قد يصبح قابلا للقتل دون أن يعلم.

وهذا أخطر ما في الذكاء الاصطناعي العسكري.

نحن لا نواجه آلات قادرة على القتل فقط، بل أنظمة لا تعرف ما معنى الخطأ، ولا تؤمن بالندم.

قد لا تكون الحروب القادمة بين جيوش، بل بين خوارزميات، وكل ما تحتاجه إشارة وإذن من كود.

تقرير: علي حبيب