2025-06-03
للجِمال وراعيها علاقة انسجام فريدة يعيشها الرعاة على الطريقة البدوية، متشبثين بعادات الأجداد في تناغم مع الطبيعة القاسية في دوز التونسية وواحاتها المترامية.
ومع أول خيوط الشمس التي تلامس الرمل الذهبي، تتهادى الجمال في هدوء وكأنها تعرف الطريق منذ الأزل، يرافقها البدو بخطى واثقة، فتبدأ الرحلة، رحلة البحث عن الماء والكَلأ، وربما الزاد القادم من سوق تقليدية تعج بالقصص والحكايات.
في دوز، أشهر مدن قبلي بالجنوب التونسي، حيث عُرفت بمهرجانها الدولي للصحراء الذي تعود جذوره الأولى إلى أواخر القرن التاسع عشر، وفيه بدأ الاحتفال بعيد الجمل.
هنا في قلب الجريد التونسي، حيث الواحات المترامية، لا يعد الجمل مجرد وسيلة نقل، بل هو رفيق العمر يحمل الأسرار والآمال ويروي للعابرين قصة شعب صمد في وجه الزمن بجماله وصبره، يتبادلون معه النظرات، كأن بينهما لغة لا تُنطق بل تُفهم.
في صمت مهيب، يعلو صوت الجمال مع خشخشة الرمل تحت الأقدام وأنين الرياح، يُعجن على مهل خبز الملّة من دقيق وقطرات ماء بخبرة أيادٍ تعودت قسوة الصحراء.
يُدفن العجين بعدها في جوف الرمل الساخن تحت الجمر في طقس يشبه الطقوس المقدسة.
هو ليس مجرد خبز، بل طعم الصحراء وذاكرة الأرض ورفيق الجوع في الرحلات الطويلة، هو خبز الكرم لضيوف جنوب تونس تحت سماء واحاتِها الحالمة وصحرائها.
تقرير: حذام عجيمي