لم تدم سيطرة الجيش السوري على محافظة السويداء جنوبي البلاد سوى ساعات فقط، فالمعركة التي حسمتها دمشق في أقل من يوم أعاد القصف الإسرائيلي لصالح فصائل درزية تصفها الدولة السورية بأنها خارجة عن القانون خلط أوراقها ودشن لفصل جديد يبدو أشرس من أي وقت مضى من التدخلات الإسرائيلية في الشأن السوري.

وقبل بدء الانسحاب الكلي للقوات الحكومية من السويداء كان هناك خطاب للرئيس أحمد الشرع جاء في لحظة سياسية وأمنية شديدة الحساسية فلم يكن الخطاب مجرد بيان رئاسي، بل تعداه وفق البعض إلى موقف شامل وصفوه بأنه يحمل ملامح استراتيجية متكاملة حيث أعاد فيه ضبط البوصلة الداخلية وقدم مقاربة جديدة للصراع مع إسرائيل.

وكثيرون فسروا خطاب الشرع على أنه إعلان هزيمة لمعركة لم تكن متكافئة إثر التدخل العنيف من جانب إسرائيل لكن آخرين وصفوه بأنه خطاب النار والعقل.

يقول هؤلاء إن الدولة السورية اختارت احتواء التصعيد من أجل حماية المدنيين ووقف انزلاق سوريا إلى مواجهة غير متكافئة مثبتا معادلات ردع جديدة لا تقوم على الحرب، بل على ضبط الإيقاع الداخلي وتعزيز التماسك الوطني لكن مع الإبقاء على حق الرد قائمًا ضمن شروط الدولة.

ووصف الشرع في خطابه إسرائيل بالكيان وذلك خلافا لخطابات سابقة كانت تؤكد أن دمشق لا تريد حربًا معها لكن الخطاب الجديد شدد على أن سوريا الجديدة لا تخشى الحرب لكنها لن تسمح لإسرائيل بأن تستثمر في الانقسامات الداخلية وتسعى لتفكيك النسيج السوري من الداخل.

ويعكس هذا إصرارا حكوميا على وأد الفتنة الطائفية في السويداء ولو مرحليا إذ شدد في خطابه على أن المعركة الأهم هي بناء وحدة وطنية تحمي كافة المكونات لا سيما تلك التي تبدي شكوكا متزايدة تجاه الدولة المركزية.

تقرير: نادر علوش