Mask
Logo

أخبار-عربية

نضال القوافل.. غزة بين الحصار ومحاولات كسر الصمت العالمي

2025-06-09

لحظةُ اقتحامِ رحلةِ مادلين بعرَضِ البحرِ في ليلةٍ يلفُها الظلام! رأت "قافلة الصمود" في شارع الحبيب بورقيبة بقلب تونس النور في طريقها نحو غزة.

قافلة برية تجمع نشطاء وسياسيين وحقوقيين ومحامين وأطباء وإعلاميين ومواطنين من الخضراء والمغرب العربي، وجهتهم واحدة، معبر رفح، وهدفهم وحيد، لا بد للإبادة أن تنتهي، وللحصار والقيد أن ينكسرَا.

تاريخ كسر الحصار عن غزة وأراضي فلسطين والوقوف مع شعوب عانت من الحروب والنزاعات ليس جديداً، بل مليء بالمبادرات الإنسانية انطلقت من شتى بقاع الأرض، فلم تكن مجرد محاولات لكسر الحصار، بل كانت أفعالاً تنضح بالمعنى في زمن انطفأ فيه كل شيء.

ففي عام 2010، تحولت مياه المتوسط إلى مسرح للحقيقة حين أبحرت سفن "أسطول الحرية" بقيادة نشطاء من أكثر من ثلاثين دولة. لم تكن سفناً حربية، ولا حتى مجهزة للدفاع، كانت محملة بالأدوية وبعض الألعاب ومئات القلوب التي آثرت أن تتخطى الصمت، لكن القوات الإسرائيلية باغتتها واعتلتها واغتالت عشرة نشطاء أتراك بدم بارد.

وحين تتكلم النساء، ينصت العالم. فمن أكثر المحاولات رمزية كانت سفينة "نساء من أجل غزة" التي ضمت ناشطات من أمريكا وأوروبا والعالم العربي. لم تكن السفينة كبيرة لكنها كانت مليئة بالكرامة، وقد حاولت الوصول فاعترضتها إسرائيل واعتقلت من فيها، لكن صورة المسنة الإيطالية التي رفعت قسراً من سطح السفينة كانت أبلغ من مئة بيان.

متضامنون أجانب كثير قتلهم الجيش الإسرائيلي، آخرهم الناشطة الأمريكية من أصول تركية عائشة نور تحت شجرة زيتون بنابلس العام الماضي. العالم لن ينسى أيضاً الناشطة الأمريكية راشيل كوري عندما قتلتها جرافة إسرائيلية كانت بصدد هدم منزل فلسطيني في قطاع غزة عام 2003.

وقرب مدينة رفح، طالت يد القناصين توم هرندل ناشط السلام البريطاني اليافع صاحب الاثنين والعشرين ربيعاً فقط لأنه دافع عن أطفال شلهم صوت الرصاص الكثيف.

ورغم العلم الأبيض، قتل البريطاني جيمس ميلر عام 2003 أيضاً أثناء تصويره فيلمًا في مخيم للاجئين الفلسطينيين في رفح. أما في الوطن العربي، فكانت القوافل تخرج من رحم الغضب الشعبي من مصر وتونس والجزائر وحتى اليمن. لكن الطرق كانت تضيق كل مرة أكثر والحدود تزداد عتمة.

فيما نجحت قافلة "شريان الحياة" التي قادها النائب البريطاني جورج غالاوي مرة في العبور لكنها منعت لاحقاً، ومنع هو من دخول مصر.

كسر الحصار وإن لم يُكسر كان دائماً شعارهم. وإن لم تنجح تلك القوافل في إدخال الطحين أو إنارة عتمة غزة أو كسر الأسلاك البحرية، لكنها نجحت في أمر لا تقدر عليه الجيوش: فضح الحصار.

ولأنها لم تكن معارك سياسية، بل كانت انتصارات للإنسانية، كل قارب، كل رسالة، كل ناشط ضرب أو اعتقل أو طرد هو صفحة في كتاب طويل من النضال الأخلاقي.

قد لا يكون الحصار قد كُسر فعلاً، لكن هؤلاء كسروا الحياد وكسروا حاجز الخوف، وعلّمونا أن العالم لا يتغير بالصمت، بل بالصراخ في وجهه حين يصمت، وأن غزة لا تموت وحدها بل تموت حين نصمت جميعاً.


تقرير: حذام عجيمي

Logo

أخبار ذات صلة