2025-05-25
يعود الخامس والعشرون من أيار مجددًا، لا ليحمل فقط ذكرى انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000، بل ليطرح، كما في كل عام، أسئلة مؤجلة وصورًا متناقضة بين الإنجاز والخذلان.
في الجنوب، حيث يفترض أن تكون الذكرى الأكثر حضورًا، لم تأتِ هذا العام مكللة بالفرح، بل مشبعة برائحة الدماء والركام والدخان، تحت وقع الهجمات الإسرائيلية المستمرة. هناك، اقترع الجنوبيون في الانتخابات البلدية وسط الدمار، وكأنهم يحتفلون لا بالتحرير، بل بالصمود وحده، وكأن ذاكرة الانتصار استُبدلت بالنجاة.
سقط مفهوم التحرير لدى كثير من اللبنانيين المنقسمين، وبات الاحتفال بالمناسبة، بنظر شريحة واسعة منهم، محصورًا بحزب الله وحركة أمل. أما مناصرو مؤسسات الدولة، فيشكون غيابها المزمن منذ عقود.
لا تكاد تندمل جراح الجنوب حتى تنزف من جديد، وبعد أن خيضت حرب عام 2006 تحت شعار تحرير الأسرى، أعادت جبهة الإسناد عام 2023 عددًا من اللبنانيين إلى داخل السجون الإسرائيلية، وهو ملف أثاره رئيس الحكومة نواف سلام من الجنوب في يومه الانتخابي.
علاقة الداخل اللبناني مع حزب الله دخلت مفصلًا دراماتيكيًا عام 2008، بعد ما بات يسمى أحداث السابع من أيار، حين شهدت شوارع العاصمة بيروت ومناطق أخرى جولات من الاشتباك المسلح، فتكرس بذلك انقسام حاد حول مفهوم المقاومة، بين من يراها امتدادًا لتحرير الأرض، ومن يعتبرها ذريعة لاستخدام السلاح خدمة لأجندات إقليمية.
وفي 25 أيار 2025، يبدو عيد التحرير وكأنه يقف على أرض رخوة، أرض لا تزال مهددة، وذاكرة هشة محفورة في قرى تعرضت للهدم أكثر من مرة.
هو عيد يبدو كأنه خسر عناصره الجوهرية، ما جعله خاضعًا لسجالات سياسية كرست الانقسام العمودي في لبنان، حول هوية من أطاح بما حرره قبل ربع قرن.
تقرير: مالك دغمان