2025-07-30
في زاوية مظلمة من هذا العالم تُسلب الأرواح قبل أن تُزهق، وتُباع الكرامة على أرصفة الجريمة، وجوه بلا أسماء وصرخات تذوب في صمت مدوٍ.
لكن في 30 يوليو تشرق الإنسانية من جديد في اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر، الذي يُقام هذا العام تحت شعار «الاتجار بالبشر جريمة منظمة – إنهاء الاستغلال»، إذ توجه الأمم المتحدة نداء عالميا إلى الحكومات والمجتمعات لإيقاف الاتجار بالبشر.
وفي كل عام يسقط عدد متزايد من الضحايا فريسة لهذا الجرم الفادح، فيُنقلون لمسافات بعيدة ويُرغمون على تحمل عنف أشد وطأة ولسنوات طويلة، مقابل أرباح آخذة في الازدياد.
وهذه الجريمة تديرها شبكات عابرة للحدود تستهدف المستضعفين من نساء وأطفال ولاجئين، مستغلة الفقر والحروب والهجرة والثغرات القانونية والاقتصادية والمنصات الرقمية لتوسيع نطاق الاتجار بالبشر، كما تستغل تدفقات الهجرة وسلاسل التوريد العابرة للحدود.
فبين عامي 2020 و2023 تم الكشف عن أكثر من 200 ألف ضحية، وهو رقم يبرز جزءا يسيرا من جبل الجليد، إذ يُعتقد أن الأعداد الحقيقية للحالات غير المُبلّغ عنها تفوق ذلك بأضعاف مضاعفة.
وقد بلغ عدد ضحايا الاتجار بالبشر نحو 69,627 شخصا عام 2020 حسب الأمم المتحدة، 61% منهم نساء وفتيات، و38% كانوا أطفالا.
وشبكات الإجرام في حق البشرية تُدر أرباحا طائلة عبر استغلال الضحايا، إذ تفيد الإحصائيات أن 42% يعانون من العمل القسري، و36% من الاستغلال الجنسي، إضافة إلى التجارة بالأعضاء وتهريب المخدرات، فيما يمثل 8% ضحايا للإكراه على ارتكاب جرائم الاحتيال الرقمي.
وينتمي الضحايا إلى 162 جنسية، تم نقلهم وتهريبهم إلى 128 دولة عام 2022، وتُظهر البيانات أن أكثر من 31% من الحالات العابرة للحدود مصدرها دول إفريقية.
كما تبين أن 74% من المهربين ينتمون لعصابات الجريمة المنظمة، ورغم ذلك لا يُحاسب فعليا سوى أقل من 1% من الجناة.
ويُعد الزواج القسري أيضا من أهم جرائم الاتجار بالبشر، ففي عام 2021 أُجبر 22 مليون شخص على الزواج، بمعدل بنت من كل خمس بنات في العالم، 73% منهن أُجبرن من قبل عائلاتهن، فيما تعد النيجر الأولى عالميا بنسبة 75% من الفتيات يتزوجن قبل سن 18، أما العراق فهي الأولى في منطقة الشرق الأوسط بنسبة تفوق 22% من الفتيات اللاتي يتزوجن قبل سن 15.
ولمكافحة هذه الجرائم تسعى الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة إلى ترسيخ مكافحتها، إذ تقود منذ 2009 حملة "القلب الأزرق" للتوعية والدعوة لمحاسبة الجناة، فالاتجار بالبشر ليس قدرا بل جريمة يجب أن تتوقف.
كل صمت يطيل أمد المعاناة، وكل تضامن يفتح باب النجاة، فلنكن صوتا للمنسيين ولنحارب معا لإنهاء الاستغلال.
تقرير: حذام عجيمي