2025-08-16
يبدو أن شبح الحرب الاهلية يعود ليخيم مجددًا على المشهد اللبناني، في ظل انقسام داخلي حاد بين فريق يدعو إلى نزع سلاح حزب الله دعمًا لسيادة الدولة وحصرية قرارها الأمني، وآخر يرفض المساس بهذا السلاح تحت ذرائع "المقاومة" و"المؤامرة الخارجية".
بعد يومين فقط من زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، إلى بيروت، صعد حزب الله من لهجته بشكل غير مسبوق، ملوحًا صراحة بإمكانية الانزلاق نحو فتنة داخلية أو حتى حرب أهلية. والمفارقة أن الحزب، الذي طالما استخدم خطاب الوحدة الوطنية، يلوح اليوم بما كان يعد خطًا أحمر في خطاباته السابقة.
وفي تصعيد خطابي لافت، شبه الحزب المعركة بـ "كربلاء سياسية"، ما يعكس إصراره على تديين النزاع وإضفاء طابع مذهبي عليه. كلام الأمين العام المساعد للحزب، نعيم قاسم، اعتبر من قبل رئيس الحكومة نواف سلام تهديدًا مبطنًا بالحرب الأهلية، واتهم قاسم بتأجيج الفتنة وجر البلاد نحو مزيد من الانقسام والتدهور.
تصريحات قاسم لم تمر مرور الكرام، بل قوبلت برفض واسع من معظم القوى السياسية اللبنانية، بما فيها أطراف كانت في السابق حليفة لحزب الله. وأصدر عدد من رؤساء الجمهورية والحكومات السابقين، من بينهم أمين الجميل، ميشال سليمان، فؤاد السنيورة، نجيب ميقاتي، وتوفيق سلام، بيانات إدانة واضحة لتصريحات الحزب، مؤكدين أن بقاء السلاح خارج سلطة الدولة يقوض أسس النظام الديمقراطي ويبقي لبنان رهينة للأجندات الإقليمية.
الخطاب التصعيدي الأخير من حزب الله يعكس تحولًا استراتيجيًا في تعاطيه مع الداخل اللبناني، ويشي بأن الحزب بات يعد أي محاولة لنزع سلاحه تهديدًا وجوديًا لا سياسيًا فحسب. أما الدعم الإيراني، الظاهر في التوقيت والرسائل، فيضع لبنان مجددًا في قلب التوتر الإقليمي، ويحوّله إلى ورقة ضغط في المفاوضات الجيوسياسية الأوسع.
تقرير: إيسامار لطيف