2025-10-23
سلط تقرير وكالة "رويترز" الضوء على التناقض الحاد بين صورة جماعة الحوثي في الخارج، خصوصًا بعد تصعيدهم ضد إسرائيل على خلفية حرب غزة، وصورتهم داخل اليمن، حيث يتهمهم المواطنون بارتكاب انتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان، والتسبب في تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد.
فعلى المستوى الدولي، أثارت هجمات الحوثيين على إسرائيل إعجاب مؤيدي القضية الفلسطينية، واعتبرها البعض تعبيرًا عن المقاومة، حتى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أشاد بـ"صلابتهم وشجاعتهم".
لكن هذه الصورة تتلاشى تمامًا عند الحديث مع يمنيين فروا من مناطق سيطرتهم، والذين وصفوا الجماعة بأنها "ميليشيا قمعية" تستخدم الجوع والمساعدات الإنسانية كأدوات للابتزاز والتجنيد، خصوصًا للأطفال.
التقرير، الذي استند إلى مقابلات مع مئات المدنيين والنازحين اليمنيين واطلاع على وثائق أممية، وثق ممارسات واسعة تشمل السجن والتعذيب للمعارضين، وفرض ضرائب مرهقة على المواطنين، فضلًا عن التحكم الكامل في توزيع المساعدات.
وبحسب موظفي إغاثة، فإن الحوثيين يدرجون "مستفيدين وهميين" ضمن قوائم المساعدات، مع حرمان من لا يظهرون الولاء للجماعة منها. وقد دفع هذا التلاعب بالمساعدات برنامج الأغذية العالمي إلى تعليق معظم أنشطته في شمال اليمن عام 2023.
كما أكد مراقبون ميدانيون أنهم باتوا يخشون أداء عملهم بسبب الاعتقالات والتهديدات من قبل الحوثيين، الذين يعتبرون جمع البيانات الغذائية "أمرًا سياديًا".
التقرير كشف أيضًا عن تجنيد واسع للأطفال، مدعوم بعمليات تلقين عقائدي ودعاية دينية مكثفة، حيث يجبر الأطفال على حضور محاضرات أسبوعية لعبد الملك الحوثي، الذي يقدم على أنه قائد مقدس وطريق للجنة.
بينما يبرر الحوثيون هذه الممارسات بأنها "افتراءات"، ويرفضون الاعتراف بانتهاكاتهم.
ورغم أن الحوثيين يسيطرون على معظم الشمال اليمني، فإنهم يواجهون سخطًا شعبيًا متزايدًا، بينما تكافح الحكومة المعترف بها دوليًا والمدعومة من السعودية والإمارات للسيطرة على الجنوب وسط تحديات أمنية واقتصادية عميقة.
يوثق التقرير صورة قاتمة لجماعة الحوثي، التي تجمع بين القمع الداخلي والتوظيف السياسي للمقاومة الإقليمية. ورغم الزخم الذي منحته لهم حرب غزة، فإن الأزمة الإنسانية المتفاقمة وسوء إدارتهم للمساعدات يفاقمان معاناة ملايين اليمنيين في صمت دولي مقلق.
تقرير: فؤاد مشيك