2025-09-15
في قلب الزمن الكلاسيكي، حيث تلتقي الكلمة بعذب الموسيقى وتنبض السطور بالحياة، عاشت جين أوستن التي وُلدت عام 1775 في باث، المدينة الساحرة بغرب إنكلترا. شهدت خطوات أوستن واحتضنت بعضًا من فصول رواياتها، وفيها تتجدد الذكرى هذا العام بمناسبة مرور 250 عامًا على ميلاد إحدى أجمل أيقونات الأدب الإنكليزي الكلاسيكي، حيث تحولت المدينة إلى مسرح حي لأناقة الماضي وسحره، وامتزج عبق القرن الثامن عشر بأزياء عصر الوصاية، في موكب احتفالي شارك فيه نحو ألفي عاشق لأدب أوستن وسيرتها، ليكون المهرجان "لحظة فرح" لعشاق الأدب من حول العالم.
مشهد الموكب لم يكن استعراضًا فحسب، بل إعادة تمثيل لطقوس كانت مألوفة في زمن أوستن، وتجسيد حي لعالمها الروائي. في الحدائق التي اختُتم فيها الموكب علت الضحكات، وتمايل الحضور على أنغام مقطوعات بيانو تعود للكاتبة نفسها، أُعيد اكتشافها مؤخرًا، أتاحت 600 معزوفة موسيقية خطتها أوستن بيدها، تعكس ذوقها الفني كما تعكس رواياتها نبض عصرها.
جاين أوستن، التي اختزلت في ست روايات عالمًا من الطبقات الاجتماعية والهوى والكبرياء والتقاليد، لم تكتب فقط عن مجتمعها، بل كتبته بحس ناقد ساخر ورقيق. وبين صفحاتها، ظلت المرأة حاضرة، صامدة، ذكية، باحثة عن ذاتها في عالم متغير. وكانت روايتها "كبرياء وهوى" جوهرتها الثانية، المرآة التي عكست ملامح ذلك العصر، وظلت حتى اليوم من أكثر الروايات تأثيرًا وانتشارًا في تاريخ الأدب.
أما مهرجانها السنوي فبات جسرًا حيًا يربط الحاضر بالماضي ويعيد الحياة لروحها الاجتماعية التي كانت تنبض في قاعات الرقص وحدائق المدينة، حيث لا يزال صوت جين أوستن يهمس بين أروقتها أن الأدب وحده قادر على الخلود.
تقرير: حذام عجيمي