2025-10-17
تُعد المادة 140 من الدستور العراقي واحدة من أبرز المواد المتعلقة بحقوق شعب كوردستان، والتي تهدف إلى معالجة قضية المناطق الكوردستانية خارج إدارة الإقليم، وفي مقدمتها محافظة كركوك، التي تعرضت خلال العقود الماضية لسياسات تغيير ديموغرافي ممنهج هدفت إلى فرض واقع إداري وسكاني جديد يخدم توجهات النظام البائد في تهجير الكورد منها، الحال الذي لم يتغير كثيرًا في ظل الحكومة الحالية.
وقد نصت المادة على ثلاث مراحل أساسية: التطبيع، الذي يشمل إعادة المهجرين إلى مناطقهم الأصلية وتعويض المتضررين، ثم إجراء إحصاء سكاني لتحديد التركيبة السكانية الحقيقية، وأخيرًا تنظيم استفتاء يحدد رغبة سكان هذه المناطق في الانضمام إلى إقليم كوردستان أو البقاء ضمن إدارة الحكومة الاتحادية. ورغم أن المادة حددت نهاية عام 2007 موعدًا نهائيًا لتنفيذ هذه الخطوات، فإن الحكومات العراقية المتعاقبة لم تلتزم بذلك، ما جعل المادة عمليًا معلقة رغم استمرارها قانونيًا.
لقد اتسم موقف الحكومة الاتحادية تجاه المادة 140 بالتردد والمماطلة، حيث لم تتخذ خطوات جدية لتنفيذ بنودها، واكتفت بغداد بتشكيل لجان شكلية دون صلاحيات حقيقية، كما لم تخصص الموارد اللازمة لإنجاز الإحصاء السكاني أو تنظيم الاستفتاء، وفي بعض الحالات اتخذت إجراءات إدارية وديموغرافية من شأنها تعقيد تنفيذ المادة، وفرض واقع جديد يضعف فرص تطبيقها وفقًا لروح الدستور. هذا التعاطي يعكس غياب الإرادة السياسية في معالجة ملف المناطق الكوردستانية خارج إدارة الإقليم بطريقة دستورية وعادلة، ويؤكد أن المادة 140 تُعامل كعبء سياسي لا كاستحقاق قانوني.
من جانبهم، ينظر الكورد إلى هذه المادة بوصفها إطارا دستوريا مشروعا لحل قضية المناطق الكوردستانية مثل كركوك وسنجار وطوزخورماتو وخانقين والمناطق الأخرى، ويعتبرون تنفيذها الكامل خطوة ضرورية لتحقيق العدالة وإنهاء آثار السياسات السابقة. وقد حافظ الخطاب الكوردي على تمسكه بهذه المادة باعتبارها جزءًا من التوافق الوطني الذي تأسس عليه الدستور العراقي بعد عام 2003، ويؤكد ضرورة احترامها كالتزام قانوني وأخلاقي من قبل الدولة العراقية.
تقرير: رائد المواس