2025-06-03
في زمن تختنق فيه المدن بضجيج المحركات وعوادم المركبات، تظل الدراجة الهوائية شاهدة على بساطة الحياة وجمالها.
إنها ليست مجرد إطارين يدوران، بل فلسفة في التوازن، فمن بين كل ما يدور ويسير ويسرع، تبقى الدراجة الهوائية خيارًا هادئًا، نقيًا، ومستقبليًا، يعيد الإنسان إلى الأرض.
في الثالث من حزيران من كل عام، يحتفل العالم بهذا الرمز المتواضع، الذي لا يستهلك وقودًا، ولا يلوث الهواء، لكنه يحمل على متنه أحلامًا خضراء، وقلوبًا تنبض بالصحة والأمل.
زهيدة السعر، ونظيفة، وصائنة للبيئة، تُعد الدراجة الهوائية من أفضل وسائل ممارسة النشاط البدني اليومي، إذ تساهم في تقوية القلب، وتحسين الدورة الدموية، والوقاية من أمراض مزمنة. ويؤكد خبراء الصحة أن ركوب الدراجة الهوائية لمدة ثلاثين دقيقة يوميًا قد يكون كافيًا للحفاظ على اللياقة وتحسين الصحة النفسية.
وفي وقت تعاني فيه مدن كثيرة من الازدحام والتلوث، تبرز الدراجة كوسيلة نقل ذكية واقتصادية. فهي تسهم في تقليل الاعتماد على السيارات، إذ تقدر تقارير بيئية أن استبدال السيارات بالدراجات لمسافات قصيرة يمكن أن يقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بشكل كبير.
ودول مثل هولندا، الملقبة بأرض الدراجات، هي أكثر الدول استخدامًا للدراجات الهوائية على مستوى العالم، حيث تُعتبر جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية للسكان، إذ تملك شبكة واسعة من مسارات الدراجات، وتُستخدم الدراجات الهوائية كوسيلة رئيسية للتنقل في المدن، أبرزها أمستردام.
وعلى منوالها نجد فرنسا، وبلجيكا، والدنمارك، وسويسرا، وألمانيا، والصين، وكندا، وبعض المدن اللاتينية.
وبتشجيع من الأمم المتحدة، منذ اختيارها يوم الثالث من يونيو يومًا عالميًا للدراجات الهوائية قبل سبع سنوات، انطلقت مبادرات عالمية ومحلية تسعى من خلالها مدن عديدة حول العالم لتوفير بنية تحتية خاصة، وممرات آمنة، ومواقف، من أجل تشجيع السكان على استخدامها.
وتبقى عديد الدول العربية رائدة في إدخال هذه الوسيلة الصديقة للبيئة في الحياة اليومية لمواطنيها، مثل دول المغرب العربي وبعض مدن الشرق الأوسط، أمام نقص في الإمكانيات في غيرها، وانعدامها في كثير منها، حتى أنها لم تعد تجد طريقًا تسير فيه وسط الدمار.
وفي يومها العالمي، باتت الدراجة الهوائية ضرورة لا رفاهية، ليس فقط لما توفره من فوائد صحية، بل أيضًا لما تمثله من أمل في بناء مدن أكثر نظافة واستدامة. فالدراجة ليست مجرد وسيلة تنقل، بل ثقافة حياة نحو مستقبل أكثر خضرة.
تقرير: حذام عجيمي