حالف الحظ عائلة بشتوان بقبول طفلهم في روضة نموذجية بأربيل، عائلة واحدة من أصل خمسين عائلة فقط جرى اختيارها هذا العام، حيث تم القبول عبر قرعة شارك فيها العديد من الطلبة في كوردستان. بكثير من البهجة تستقبل موظفة التسجيل الطلاب الجدد، وهنا كما في المدارس النموذجية الأخرى يحرص العاملون على توفير بيئة مشجعة تحفز الأطفال على التعلم. وتقول إن سر الإقبال الكبير هو جودة التعليم والخدمات العالية داخل المدرسة.

ويضيف بشتوان أن ما يميز هذه المدرسة أنها تضم جميع المراحل حتى الثانوية، في بيئة متكاملة تضمن مستقبلا مشرقا ولا تختلف كثيرا عن المدارس الأوروبية.

وضع قطاع التعليم في كوردستان بات اليوم بمصاف الدول الأوروبية، وهو ليس حلما بعيد المنال. فقد اتخذت الحكومة خطوات عملية على أكثر من صعيد، ففي مجال البنية التحتية أنشأت 28 مدرسة تعمل بالطاقة النظيفة، وجددت 400 مدرسة أخرى في مناطق مختلفة. أما على صعيد الجودة فقد أعادت وزارة التربية خلال أربع سنوات 33 ألف طالب متسرب إلى مقاعد الدراسة، مما ساهم في خفض نسبة الأمية من 24% إلى 16%.

ويقول برهان عبد الله، مستشار وزارة التربية، إن أكثر من 22 مليون كتاب وزع على المدارس قبل بدء العام الدراسي، كما أطلقت منصة إلكترونية مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتقديم المناهج بشكل تفاعلي حديث، مؤكدا أن خطط التطوير مستمرة.

ومنذ عام 1991 بدأت كوردستان إعادة صياغة المناهج التعليمية، فأزيلت أيديولوجيا النظام السابق من كتب الاجتماعيات واستبدلت بتاريخ وجغرافية الإقليم. وفي 2005 أُدخل منهج “سن رايز” للإنكليزية بالتعاون مع شركة بريطانية، ثم في 2006 قدمت مادة التربية المدنية كأول تجربة من نوعها في الشرق الأوسط لترسيخ قيم المواطنة والعدالة.

وفي 2009 جرى اعتماد منهج “هارد كورت” الأميركي للعلوم والرياضيات بعد مواءمته مع واقع الإقليم، كما طورت مادة التربية الإسلامية لتعزيز قيم التسامح وقبول الآخر. واليوم يعمل فريق خبراء على تحديث المناهج باستمرار لمواكبة المعايير العالمية.

من بناء المدارس، إلى إعادة الطلاب، إلى تحديث المناهج، يظهر المسار أن التعليم في كوردستان يسير بخطوات عملية نحو التحديث. لكن خلف الأرقام تبقى القصة الأهم، قصة نظام تعليمي يسعى للنهوض والتطور والتجاوب مع متطلبات العصر، رغم كل التحديات.

تقرير: صهيب الفهداوي