تأخذ الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين منعطفا معقدا، يضع الطرفين أمام مواجهة قد تكون طويلة الأمد، وقد يراهن فيها كل طرف على إرهاق الطرف الآخر اقتصاديا.
أحدث فصول هذه الحرب، استثناء ترامب، الصين إلى جانب كندا والمكسيك من تعليق للتعريفات الجمركية لمدة تسعين يوما، بل ورفع الرسوم على الصين إلى مئة وخمسة وعشرين في المئة بعدما أوصلها قبل أيام إلى مئة وأربعة في المئة، ترد بكين من جهتها برسوم مضادة، بلغت نسبتها أربعة وثمانين في المئة، بدأ تطبيقها على جميع الواردات الأميركية، ردٌ شمل وضع شركات أميركية على القائمة السوداء، إلى جانب رفع بكين دعوى ضد واشنطن أمام منظمة التجارة العالمية.
وإذ تعهدت الصين بالقتال حتى النهاية، أبقت الباب مواربا أمام ترامب لإمكانية التوصل إلى أرضية مشتركة لتجنب استمرار هذه الحرب، وما لها من تداعيات على الاقتصاد العالمي، يقول وزير التجارة الصيني "الاسم" إن بلاده راغبة في حل الخلافات مع ترامب من خلال المفاوضات.
ورغم أن قرار ترامب المفاجئ بتعليق الرسوم على عشرات الدول، منح أسواق الأسهم العالمية فرصة للالتقاط الأنفاس، فإن تصعيده للحرب التجارية مع الصين، أبقى المشهد التجاري العالمي في حالة هشة، وسط مخاوف آسيوية وأوروبية من أن ذلك قد يعطل سلاسل التوريد العالمية ويقوض التعاون الاستراتيجي.
ما يُبقي الاقتصاد العالمي في حالة ترقب هو سياسة التعريفات الجمركية العدوانية التي ينتهجها ترامب، إذ يرى فيها سلاحًا متعدد الأغراض يُستخدم لتحسين تنافسية الصناعة الأميركية، فضلًا عن كونه وسيلة للضغط لتحقيق أهداف أخرى.
قرار ترامب أتى في أعقاب نوبة من التقلبات في الأسواق المالية محت تريليونات الدولارات من أسواق الأسهم، وأدت إلى ارتفاع مثير للقلق في عوائد السندات الحكومية الأميركية، أمر بدا أنه استرعى انتباه ترامب، إلى جانب ضغوط دولية وموقف أوروبي موحد للرد، كل ذلك لعب على ما يبدو دورا في قرار تأجيل الرسوم.
تهدئة التوترات الاقتصادية مع الحلفاء التجاريين للولايات المتحدة، مقابل تصعيدها مع الصين إلى أقصى درجة، تبدو استراتيجية جديدة لترامب يسعى من خلالها وفق صحيفة وول ستريت جورنال إلى معالجة ما يعتبره اختلالات مزمنة في الميزان التجاري مع بكين، إضافة إلى انتهاكات حقوق الملكية الفكرية.
تقرير: نادر علوش