2025-07-24
جولة مفاوضات ثالثة بين روسيا وأوكرانيا تستعد إسطنبول التركية لرعاية محادثات نووية بين إيران والتروكيا الأوروبية، أول اجتماع بين الطرفين استضافته أيضًا إسطنبول قبل نحو عشرين عامًا، واختيارها الآن لاستضافة المحادثات على خلاف غالبية الجولات السابقة لم يكن مجرد اختيار لوجستي.
وثمة من يرى أن ذلك قد يكون مؤشرًا على رغبة طهران بتوجيه رسالة سياسية واضحة، لكن هذه الجولة وغيرها من جولات التفاوض السابقة التي رعتها تركيا سواء فيما يتعلق بإيران أو أزمة أوكرانيا وغيرها من الصراعات الإقليمية والدولية، يبرز دور تركيا كوسيط موثوق قادر على توجيه المفاوضات عالية المخاطر.
ولا يعود مرد ذلك إلى أن تركيا طرف محايد في هذه الصراعات، فقد كان لها تدخلات سياسية وعسكرية مباشرة في بعضها مثل سوريا وليبيا والخليج والبلقان، إنما هناك عوامل عديدة تسمح لتركيا بلعب دور الوسيط رغم أنها كانت طرفًا أصيلًا في بعض النزاعات أو على الأقل طرفًا منحازًا فيها.
ويُجمع كثيرون على أن الجغرافيا التركية تعد أهم العوامل التي تسمح لأنقرة بأن تكون وسيطًا موثوقًا لإدارة مفاوضات عالية المخاطر، فتركيا التي تتوسط قارتي آسيا وأوروبا، تربطها حدود مشتركة مع ثماني دول، ولديها شواطئ ممتدة على ثلاث بحار استراتيجية، وتضم اثنين من أكبر وأهم المضائق البحرية في العالم، كل ذلك منحها مكانة جيوستراتيجية هامة، فعزز مكانتها لدى المعسكرين الغربي والشرقي ليس فقط في حالة الحرب وإنما في السلم أيضًا، لأنه مكن تركيا من لعب دور متنامٍ في الاقتصاد والتجارة العالميين وباتت مركزًا لنقل الطاقة حول العالم.
وإلى جانب موقعها منحت ديناميكيات الصراعات الإقليمية والدولية تركيا فرصة سياسية لتعزيز مكانتها على الساحتين الإقليمية والدولية، فكانت الدبلوماسية التركية المرنة عاملاً مهمًا في تمكين أنقرة من لعب دور الوساطة في العديد من الصراعات الإقليمية والدولية، من تسهيل صادرات الحبوب من أوكرانيا إلى استضافة محادثات سلام بين الدول الإفريقية، فضلًا عن لعبها دورًا محوريًا في خفض التصعيد بين إيران وإسرائيل ومؤخرًا بين سوريا وإسرائيل.
تقرير: نادر علوش