2025-10-21
بعد عقود من القطيعة، الجزائر والمغرب على أعتاب صفحة جديدة، فهل تعود حرارة التطبيع إلى شمال أفريقيا؟ فـ ترامب لم يتخل عن أحلامه بتحقيق تسويات جديدة في القارة السمراء، وهذا ما أكده المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، الذي أعلن احتمال التوصل إلى اتفاق سلام بين الجارتين المتخاصمتين خلال 60 يوما.
فمساعي واشنطن لتصليح العلاقات بين الجزائر والمغرب ليست جديدة، إلا أن ملامحها اتضحت أكثر مؤخرا عبر تصريحات أطلقها كبير مستشاري ترامب للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، أعلن فيها بوضوح أن الاتصالات جارية للتوصل إلى حل للخلاف الأفريقي المزمن.
جهود الولايات المتحدة تتمحور حول قضية الصحراء الغربية، بحيث أكد مسعد أن الحلول التي ستطرح ستراعي مصلحة البلدين العليا وترضي كل الأطراف من دون تقديم توضيحات إضافية حول معالم المباحثات.
موقف بولس استند أيضا إلى خطاب الملك المغربي محمد السادس، الذي وجهه للشعب المغربي بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لجلوسه على العرش في الثلاثين من يوليو الماضي، والذي وصفه المبعوث الأميركي بالتاريخي، ولاسيما أنه أظهر الرغبة المشتركة للبلدين في إيجاد حل جذري ونهائي لقضية الصحراء، واستعدادهما لتحسين العلاقات الثنائية.
لكن اللافت في الموقف الأميركي أنه جاء بعد أن أعلن ترامب في أغسطس الماضي، اعتراف بلاده بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، وجدد دعمه في برقية للملك المغربي بمناسبة "عيد العرش" للمقترح المغربي للحكم الذاتي "باعتباره الأساس الوحيد من أجل تسوية عادلة ودائمة لهذا النزاع".
وسبق ذلك في أبريل الماضي تأكيد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن دعم المغرب في هذه القضية لا يزال جزءا من السياسة الأميركية.
الصراع هذا بدأ منذ 50 عاما، تحديدا في عام 1975، عندما وقعت إسبانيا قبل جلائها من الصحراء الغربية اتفاقية مدريد مع كل من المغرب وموريتانيا، والتي اقتسم بموجبها البلدان الجاران الصحراء، لكن الصحراويين المسلحين الذين أسسوا جبهة البوليساريو عام 1973، رفضوا الاتفاقية وواصلوا مطالبتهم بالانفصال.
فما كان من المغرب وموريتانيا إلا اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، ومع احتدام الخلاف، انسحبت موريتانيا واختارت سياسة النأي بالنفس، وعلى عكس الرباط والجزائر، إذ إن الخلاف بينهما استمر مع دعم الجزائر جبهة البوليساريو في حق تقرير المصير، التي تطالب بإقامة دولة مستقلة تحت اسم "الجمهورية العربية الصحراوية"، فيما المغرب يعتبر دعم الجزائر للجبهة تدخلا مباشرا في شؤونه الداخلية.
الخلاف استعر ووصل إلى حد إقفال الحدود بين الدولتين منذ عام 1994، ولم تفتح إلا في حالات استثنائية، وجاءت الخلافات على الصحراء الغربية لتضيف مشكلة أكبر إلى الخلاف الحدودي الموجود أصلا بين الجارتين.
المغرب الذي يسيطر على 80% من أراضي الصحراء الغربية، يعتبرها جزءا لا يتجزأ من أراضيه ولا يمانع في حصول الإقليم الواقع على الساحل الشمالي الغربي للقارة على حكم ذاتي على أن يظل تحت السيادة المغربية، فيما تصر جبهة البوليساريو على استفتاء لتقرير المصير حسبما ينص اتفاق وقف إطلاق النار الموقع عام 1991.
تقرير: إيسامار لطيف