زمن يموج بالتحولات السياسية، يبقى انتخاب البابا لحظةً تتجاوز جدران الفاتيكان، ليشعر بها الملايين حول العالم، الأنظار تتجه إلى داخل كنيسة سيستينا في الفاتيكان حيث يتحصن الكرادلة الكاثوليك بين جدرانها المزخرفة برسمات ميكل أنجيلو لانتخاب البابا خلفاً للراحل البابا فرنسيس، ولكن، من يحق له الترشح لهذا المنصب؟ وكيف تجري عملية الانتخاب؟ ومن هم أبرز المرشحين لخلافة الكرسي الرسولي في حال شغوره؟
وفقاً للقانون الكنسي، يحق لأي رجل كاثوليكي، معمّد، وغير متزوج، أن يُنتخب بابا، تقنياً، لا يُشترط أن يكون كاهناً أو حتى كاردينالاً لكن العُرف والتقاليد تجعل انتخاب البابا من خارج دائرة الكرادلة أمراً نادراً للغاية، وفي حال انتخاب شخص غير مُرسم، يتم ترسيمه كاهناً وأسقفاً فوراً قبل تتويجه بابا.
الانتخاب يتم في ما يُعرف بـ"الكونكلاف" أو المجمع المغلق، حيث يجتمع الكرادلة الذين تقل أعمارهم عن 80 عاماً ويُجرى التصويت بسرية تامة، ويُشترط حصول المرشح على ثلثي الأصوات زائد واحد ليُنتخب بابا.
مع بدء المجمع السري، تُغلق الأبواب بالكامل على الكرادلة الناخبين، فلا يُسمح لهم بالتواصل مع العالم الخارجي، تُؤمّن كل وسائل الاتصال الحديثة، ويُحظر استخدام الهواتف أو الإنترنت أو التلفزيون، يُفترض أن تكون هذه العزلة ضمانة لنزاهة العملية وإبعاد أي تأثيرات سياسية أو إعلامية.
يتناول الكرادلة وجبات بسيطة، وينامون في بيت القديسة مارثا داخل الفاتيكان، تُجرى أربع جولات من التصويت يومياً، وبعد كل جولة تصويت، يُحرق الاقتراع، ويُستخدم دخان أبيض للإعلان عن انتخاب بابا جديد، أو أسود للدلالة على فشل الجولة.
وفقاً لقوانين الكنيسة، لا يوجد حد زمني صارم لانتخاب البابا، ولكن منذ عام 2005، اعتُمدت آلية تُسرّع العملية في حال عدم التوصل إلى إجماع خلال أيام عدة، في حال استمرار الجمود، يمكن اللجوء إلى تغيير آلية التصويت، مثل اعتماد أغلبية النصف زائد واحد بدلاً من الثلثين.
من بين أبرز الأسماء المطروحة حالياً في أروقة الفاتيكان:
• الكاردينال بيتر إردو من المجر: معروف بتمسكه بالتقليد الكاثوليكي ومواقفه المحافظة
• الكاردينال لويس أنطونيو تاغلي من الفلبين: شخصية محبوبة وذات كاريزما عالية، ويمثل صوت الكنيسة في آسيا
• الكاردينال كريستوف شونبورن من النمسا: لاهوتي بارز وله دور كبير في قضايا الإصلاح الداخلي في الكنيسة
• الكاردينال روبرت سارة من غينيا: يُمثل الكنيسة الإفريقية، ويتميز بخط محافظ وشخصية صلبة
• أما الكاردينال العراقي لويس روفائيل ساكو، بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، فيُعد أحد الشخصيات البارزة في الكنيسة الشرقية وله حضور كبير في القضايا الإنسانية والدينية في العراق والشرق الأوسط
من الناحية القانونية، يحق له الترشح والتصويت داخل المجمع المغلق، حيث إنه كاردينال دون سن الثمانين، ما يُخوله المشاركة في انتخاب البابا الجديد، ورغم أن فرص ترشحه لمنصب البابا تظل محدودة نظراً للعُرف السائد بانتخاب شخصية تنتمي إلى الكنيسة اللاتينية وليس الشرقية، فإن حضوره ومشاركته في الكونكلاف يعكسان أهمية التمثيل المسيحي الشرقي داخل الكنيسة الجامعة.
تقرير: طوني منصور