تعد العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية ودولة قطر واحدة من أكثر الشراكات عمقاً في منطقة الشرق الأوسط، لما تحمله من أبعاد أمنية، سياسية، واقتصادية، فضلاً عن الدور الدبلوماسي المتنامي الذي تلعبه الدوحة في معالجة الأزمات الإقليمية والدولية، برعاية ودعم أميركي مباشر أو غير مباشر.

منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي، بدأت ملامح العلاقة بين واشنطن والدوحة تتشكل ضمن إطار استراتيجي واضح، خاصة في أعقاب حرب الخليج الثانية، حيث لعبت قطر دوراً محورياً في استضافة القوات الأميركية وتقديم تسهيلات عسكرية بالغة الأهمية.

ومع مرور الوقت، تحولت قطر إلى حليف أمني رئيسي للولايات المتحدة في المنطقة، يحتضن أكبر قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط، وهي قاعدة العديد الجوية التي تشكل اليوم نقطة ارتكاز حيوية للعمليات العسكرية والاستخباراتية الأميركية، ولا سيما تلك المرتبطة بمكافحة الإرهاب وضمان استقرار الخليج.

إلا أن ما يميز العلاقة بين الطرفين يتجاوز البعد العسكري التقليدي، ليمتد إلى دور سياسي ودبلوماسي أكثر تعقيداً، تجلى في السنوات الأخيرة في حرص واشنطن على توظيف علاقات قطر الإقليمية المتشعبة وقنواتها المفتوحة مع أطراف دولية مختلفة، بما في ذلك حركات سياسية غير مرغوب فيها أميركياً أو دول معادية للغرب، لتلعب الدوحة دور الوسيط النشط والفاعل في أكثر الملفات حساسية. وهو ما ظهر بوضوح بدءاً من إدارة مفاوضات حركة طالبان، مروراً بالمحادثات لوقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، وصولاً لاحتواء التصعيد بين إسرائيل وإيران.

لقد ساهمت قدرة قطر على التحرك في مساحات من العلاقات الدولية، وانتهاجها دبلوماسية مرنة تجمع بين الحضور الإعلامي القوي والقدرات الاقتصادية الكبيرة، في تعزيز مكانتها كوسيط موثوق به، ليس فقط إقليمياً، بل على الساحة الدولية أيضاً.

الولايات المتحدة من جانبها، أدركت مبكراً أهمية هذا الدور، وسعت إلى تمكينه، لما يوفره من أدوات ضغط غير مباشرة، وإمكانيات دبلوماسية يصعب تحقيقها عبر القنوات الرسمية الأميركية وحدها.

قطر احتفظت أيضاً بقنوات اتصال مفتوحة مع تل أبيب، ساهمت في لعب دورها كوسيط في ملفات حساسة، أبرزها الوساطات المتعلقة بقطاع غزة، والاتصالات غير المباشرة في القضايا الأمنية بين إسرائيل وحركة حماس، برعاية أميركية ضمنية.

تقرير: طوني منصور