2025-06-05
في يوم تُشرق فيه الشمس على ملايين الأرواح الطامحة، لا كغيرها من الأيام، يوم يُنادَى فيه من السماء: اشهدوا يا ملائكتي، أني قد غفرت لهم، وهو يوم عرفة، حيث يقف الحجيج في أعظم مشهد عرفته البشرية، على صعيد طهّره الله، ورفع فيه الدعاء مقامًا لا يُرد.
وفيما الأجساد على جبل الرحمة، تلامس الأرواح أبواب السماء، وتتنزّل الرحمات في سكون لا يُشبهه سكون، لكن في أزقة مكة المكرمة وداخل المسجد الحرام تُحيي النساء عادة قديمة تُعرف بالخُلف، هي ليست وليمة، بل نية، ولا عادة، بل عبادة.
الخُلف هو حضور القلوب حيث لا تصل الأقدام، وهو يوم تقف فيه نساء مكة خلف الحجيج، يطهون، يقرْأن، يُسبّحن، يُبخّرن البيوت، الخُلف ليس بديلاً عن الوقفة، بل امتداد لها.
هو عرفة تُقام في بيوت مكة، بروح تشارك الركع والسجود هناك على السفح، ولا تترك الكعبة وحيدة، وحين تغيب الشمس، لا ينطفئ النور، يبدأ العتق، وتُفتح الصحائف، وتُطوى صفحات التعب، بين جبل تفيض عليه دموع التوبة، وبيوت تُعطّرها نوايا الصادقات.
ولا يُختصر يوم عرفة في الوقفة، بل يمتد إلى القلوب الصادقة، إلى الخُلف المكي، حيث لا تُنسى الدعوة، ولا تُغفل الرحمة، ولا تترك الكعبة وحيدة.
تقرير: مالك دغمان