2025-06-28
كأن هوليوود نقلت بريقها إلى أرصفة وأزقة البندقية على امتداد ثلاثة أيام، حيث تدفّق نجوم الفن والرياضة والسياسة والمال لمشاركة ثاني أغنى رجل في العالم، الملياردير الأمريكي جيف بيزوس، والمذيعة الأمريكية لورين سانشيز، حفل زفافهما الأسطوري.
قائمة الضيوف المرصعة بنحو مئتي شخصية عالمية، ضمّت كلاً من كيم وكلوي كارداشيان، وإيلي قولدينج، وليوناردو دي كابريو، وميك جاغر، وأوبرا وينفري، وأورلاندو بلوم، وتوم برادي، وإيفانكا ترامب، وآخرين كثر.
الاحتفالات بدأت الخميس في كنيسة مادونا ديل أورتو، معلم من العصور الوسطى، قبل أن يتبادل العروسان العهود في قدسية جزيرة سان جورجيو. ليسدل الستار السبت بحفل ملكي في قاعات أرسينال، حيث يتحوّل حوض بناء السفن التاريخي إلى مسرح لحلم ربما لا يتكرر.
خاتم الزفاف وحده تجاوزت قيمته ثلاثة ملايين دولار، وبطاقة الدعوة كانت قطعة فنية من البساطة، تتراقص عليها الفراشات لا الكلمات. أما كلفة الحفل فلامست حدود الخيال — خمسون مليون دولار، لم تكن فقط لأجل الترف، بل لأجل رسالة.
لكن خلف الأضواء، همسات لم تغب، فقد أُغلقت المدينة لأيام، وتحدث البعض عن ترف مبالغ فيه، رُفعت فيه لافتة تقول: "إذا كنت تستطيع استئجار مدينة لحفل زفافك، فبإمكانك دفع المزيد من الضرائب". في حين دافع عمدة البندقية لويجي بروجنارو، والحاكم الإقليمي لوكا زايا عن الحفل، واصفين إياه بـ"فرصة ذهبية" للبندقية، إذ من المتوقع أن يدر الزواج ما بين ثلاثة وعشرين إلى أربعة وثلاثين مليون دولار في مصلحة الاقتصاد المحلي.
في وقت تعاني فيه الجزيرة من إفراط سياحي، إذ يزورها نحو مئة وخمسة وعشرين ألف سائح يومياً في فترات ذروة الارتياد، يمضي مئة ألف سائح ليلتهم في فنادقها، فيما تسجّل الإحصائيات التقديرية زيارة قرابة ثلاثين مليون سائح سنوياً للبندقية.
وإن لم يكن الزفاف احتفالاً فارغاً من المعنى، بل مناسبة لخدمة الجزيرة أيضاً أكثر من أي وقت مضى، فقد طالب بيزوس ضيوفه بتقديم تبرعات بيئية وخيرية بدلاً من هدايا الزواج، وتعهد بدفع أكثر من مليون دولار لصالح "كوريلا"، المنظمة التي تدرس بيئة بحيرة البندقية المهددة بالغرق، وكأن قلبه أراد أن يمنح شيئاً من الوفاء لجزيرة الرومانسية.
حيث يبقى الحب في النهاية هو الوحيد القادر على أن يُنقذ أو يُغرق... ويبقى السؤال مفتوحاً: هل تظل البندقية قصراً للأحلام، أم نذيراً للأحزان؟
تقرير: حذام عجيمي