2025-10-26
تعيش غزة مرحلة دقيقة عنوانها الانتقال من أجواء الحرب إلى ملامح ما بعد الصراع، مع صمود اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، بدفعٍ مباشر من واشنطن التي كثفت جهودها في الأيام الأخيرة لضمان تثبيت الهدنة. ومع ذلك، لم تغب الخروقات الميدانية، إذ نفذ الجيش الإسرائيلي غارة جوية استهدفت عنصراً من حركة الجهاد الإسلامي قال إنه كان يخطط لهجمات، في وقت وصف وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو تلك الحوادث بأنها “تجاوزات محدودة” لا تنسف الهدنة.
روبيو، الذي اختتم زيارته إلى تل أبيب، حرص على توجيه رسالة واضحة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مفادها أن غزة يجب أن تبقى موحدة، في رد مباشر على تقارير إسرائيلية تحدثت عن نية تقسيم القطاع إلى قسمين. ورغم تموضع الجيش الإسرائيلي عند الخط الأصفر وسيطرته فعلياً على نصف القطاع طولياً، تؤكد واشنطن أن رؤيتها للمستقبل تقوم على غزة موحدة وخالية من الوجود العسكري الإسرائيلي، مقابل نزع سلاح حماس.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب من جهته أعلن متابعته الحثيثة للتطورات، داعياً حماس إلى الالتزام الكامل بالاتفاق أو مواجهة “إجراءات حاسمة”، في إشارة إلى احتمال تصعيد عسكري، مع التأكيد على قرب وصول قوة دولية مشتركة لتأمين القطاع.
بدورها، أعلنت حماس التزامها بالهدنة، لكنها أشارت إلى صعوبة العثور على جثث الرهائن المتبقين تحت الأنقاض، وهو ما دفع إسرائيل للموافقة على دخول معدات وآليات مصرية للمساعدة في عمليات البحث. وفي الأثناء، تسعى واشنطن لتأمين غطاء قانوني دولي عبر إشراك قوات متعددة الجنسيات واستصدار قرار أممي ينظم المرحلة المقبلة.
أما حركة فتح، التي غابت عن اجتماع الفصائل في القاهرة، فشدّدت على ضرورة اعتبار السلطة الفلسطينية المرجع الشرعي الوحيد لأي إدارة دولية مرتقبة في غزة، رافضة أي وصاية خارجية على القطاع.
وبين مساعي التهدئة الأميركية والخلافات الفلسطينية الداخلية، تبقى غزة في مفترق طرق بين سلام هشّ وانتقال سياسي معقّد يرسم ملامح مستقبلها القادم.
تقرير: مينا مكرم