2025-07-24
في الكواليس، تدب الحياة فجأة، تحركات تبدو أكثر ديناميكية من أي وقت مضى، وسطاء من مصر وقطر والولايات المتحدة يتسلمون ردًا جديدًا من حركة حماس لا يشبه ما قبله، أفضل بكثير، هكذا وصفه مسؤول إسرائيلي لموقع أكسيوس، وكأن ثمة نافذة فتحت للتو في جدار الصمت.
الرد الجديد، وفق مصادر مطلعة على المفاوضات، جاء محملًا ببعض المرونة في ملف الأسرى، وفي جدولة وقف إطلاق النار، وحتى في تفاصيل ترتيبات عودة النازحين وتوزيع المساعدات.
ولم تمر سوى ساعات على تلك الإيجابية التي شابت الأجواء في الدوحة حتى جاءت تصريحات ويتكوف بأن حماس تبدو غير راغبة بالتوصل لاتفاق، لتنسف أي نافذة لاتفاق قريب، ولم يقف ويتكوف عند هذا الحد، بل وصف حماس بغير المنسقة مشددًا أنها تفتقر لحسن النوايا.
لكن خلف كل هذا يرتفع سؤال أكبر عن مرحلة ما بعد الحرب، ويرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الهدنة المرتقبة نهاية للحرب، لا مجرد توقف مؤقت لإطلاق النار، لا عودة إلى المواجهة، يقول، وكأن القرار قد كُتب سلفًا.
وفي موازاة الحديث عن السلام، يصادق الكنيست على مشروع قانون يهيئ لضم الضفة الغربية وغور الأردن إلى السيادة الإسرائيلية، وهي خطوة رآها مراقبون تتويجًا لحلم اليمين الإسرائيلي، ذلك الحلم المتلاشي الذي عاد يتنفس من جديد، ولو كان الثمن "حل الدولتين"، الذي يُقام له مؤتمر خاص الأسبوع المقبل في الأمم المتحدة بدفع فرنسي وسعودي وسط معارضة إسرائيلية وأميركية.
وعلى هامش المعادلة، يبرز مشروع غزة ريفييرا الشرق، فيقدم مشروع بوجه استثماري برعاية ترامب، لكنه كما يراه كثيرون يخفي خلف واجهته نوايا أعمق: تهجير ممنهج، وإعادة رسم ديموغرافي يطعن في فكرة عودة الفلسطينيين من جذورها.
وبين توسع المستوطنات وتشريعات الضم ومساع دفع الفلسطينيين خارج غزة إلى وجهات لم تتضح بعد، تتآكل أراضي الفلسطينيين شيئًا فشيئًا، وتتكشف معالم مرحلة ما بعد الحرب، مرحلة تبدو أكثر تعقيدًا من الحرب ذاتها تخبئ في ثناياها "حلم اليمين الإسرائيلي بدولة يهودية" من البحر المتوسط إلى نهر الأردن وربما أوسع من ذلك.
وفي الخلفية يغيب الصوت الفلسطيني الفاعل، قيادة تتهمها الأصوات في الداخل بالتواري، بالحضور الباهت، وبالغياب عن مفترق الطرق الأهم منذ عقود.
لا تأثير، ولا مبادرة، وكأنها تشاهد المشهد من بعيد وتترقب السلام الذي لا يزال أبعد من أي وقت مضى.
تقرير: مالك دغمان