Mask
Logo

undefined

الإعلام الرسمي بين الإنكار والتضليل وصياغة الهزائم كانتصارات

2025-06-22

في عالم صارت فيه الحقيقة مرآة مكسورة، يصر الإعلام الرسمي في منطقتنا على أن يعرض علينا صورة النصر، حتى ولو كانت فوق أنقاض الهزيمة.

ففي كل حرب خاضها العرب، كنا أصحاب الطلقة الأخيرة على شاشات الإعلام في المنطقة كلها.

في يونيو 1967، ستة أيام فقط كانت كافية لتسقط فيها هيبة ثلاث دول عربية: مصر، الأردن، وسوريا.

المقاتلات الإسرائيلية دمرت معظم المطارات العربية في ضربة واحدة، وعلى إذاعة صوت العرب التي تبث من القاهرة، ظل المذيع يعلن تحقيق الانتصار.

لكن الميدان كان يسقط، والجمهور يخدر بشنق دمى رمزية وبطولات وهمية لمقاتلين، نصفهم هرب والنصف الآخر أُسر.

ثم جاء مصطلح "نكسة لا هزيمة"، فصارت الخسارة من نصيب الشعوب، لا الأنظمة وجيوشها، ومن هنا وُلد ما يعرف اليوم بجيل النكسة.

بعد ستة وثلاثين عاماً، تتكرر الرواية في بغداد عام 2003، محمد سعيد الصحاف، وزير الإعلام في العراق، يعلن النصر من فوق الرماد، بينما كانت الدبابات الأميركية تمر قرب مقر إعلانه.

سقطت العاصمة بلا مقاومة تذكر، وسقط معها آخر عنوان في الإعلام الرسمي: إننا منتصرون.

في سوريا أصبح النصر يقاس بعدد الكلمات، لا بعدد الأرواح التي سقطت.

كل قصف هو تكتيك ناجح أو إعادة تموضع، وكل انهيار لبنية دولة هو مرحلة انتقالية.

تدمرت المدن فتمت إعادة إعمارها على شاشات الأخبار.

كما في الإعلام العربي، ينسحب الأمر على الإعلام الإيراني.

"اقتلونا فإن شعبنا سيعي أكثر"، قالها روح الله الخميني، ورددها عباس الموسوي، وكررتها الشاشات والميكروفونات التابعة لحزب الله من لبنان إلى غزة.

غزة، التي دمرت بالكامل، ظلت سردية النصر فيها ملازمة لحماس، وفرضتها بالقوة على السكان.

وفي لبنان، تقدم الخسائر البشرية كوقود للمعنويات خلال النشرات الإخبارية.

أما اليمن، فالمشهد أقسى. يظهر رجل بيته مهدّم، يقول: "الموت لأميركا، لقد انتصرنا".

وكأن الانتصار صار فكرة شعرية، لا واقعاً ملموساً.

إيران، التي قصف فيها ثلاث منشآت نووية، أهمها فوردو، سارع إعلامها الرسمي إلى الإنكار، ثم قلل من حجم الضربة، ثم أعلن أن هناك أضراراً بسيطة، وأخيراً حوّل رئيسها مسعود بزشكيان القصف الأميركي إلى دليل على ضعف إسرائيل.

بين نكسة حزيران، وسقوط بغداد، وانفجار فوردو، قصة واحدة تتكرر.

تدمر مدننا فنعيد بناءها بصياغة نشرة.

نخسر معارك فنجعلها ملاحم بطولية.

ليُطرح السؤال الصعب: الإعلام الذي يخشى قول الحقيقة وقت الهزيمة، كيف له أن ينطق بها حين يأتي النصر؟


تقرير: رائد المواس

Logo

أخبار ذات صلة