2025-06-06
في مرحلة دقيقة من الصراع في المنطقة، وفي ظل تحولات دراماتيكية تعيشها قوى المقاومة في لبنان وغزة والمنطقة، يواجه حزب الله جملة من التحديات المصيرية.
فالحزب الذي نشأ تحت راية مواجهة الاحتلال الإسرائيلي للبنان منذ عام 1982، وتطوّر ليصبح قوة سياسية وعسكرية يمتد تأثيرها إلى دول عديدة في المنطقة، يجد نفسه اليوم أمام امتحان صعب.
امتحان لا يقتصر على المشاركة الفعالة في منظومة الحكم اللبنانية، بل يتعداه إلى الاستمرار في دوره كقوة مسلحة.، حيث يواجه الحزب اليوم متغيرات استراتيجية، أبرزها التحول في أولويات إيران بعد تقاربها المرحلي مع واشنطن.
وقد عاش حزب الله ومعه لبنان في نهاية صيف 2024 حربًا مدمرة بلغت ذروتها باغتيال أمينه العام السيد حسن نصر الله وكبار قادته في سلسلة ضربات إسرائيلية خاطفة.
وشكّل ذلك نقطة تحوّل مفصلية في مسار الحزب، وكذلك مسار المحور الذي ينتمي إليه، إذ سقط نظام بشار الأسد في سوريا وسقط معه ممر السلاح والدعم.
وفي 27 نوفمبر 2024 دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان حيز التنفيذ بوساطة أميركية وفرنسية، والذي نص على انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من جنوب لبنان خلال 60 يومًا، وانتشار الجيش اللبناني وقوات حفظ السلام في المناطق الحدودية، بالإضافة إلى التزام الطرفين بوقف الأعمال العدائية.
ويتحدث الاتفاق عن خلو منطقة جنوب الليطاني من السلاح، ما يعني تسليم حزب الله سلاحه، وهو ما لم يتحقق، ودفع تل أبيب إلى إبقاء قواتها في خمس نقاط استراتيجية في جنوبي لبنان والحفاظ على وتيرة القصف في الجنوب والبقاع.
وأفرزت الحرب تداعيات خطيرة على الوضع الداخلي اللبناني وموقع حزب الله فيه، كما استجلبت ضغطًا دوليًا متعاظمًا حيال دور الحزب وتسليحه، فعلى الصعيد الداخلي، وجد الحزب نفسه في مواجهة سيل من الانتقادات المحلية حتى من خارج معسكر خصومه التقليديين، وبات كثير من اللبنانيين يرون أنه جرّ لبنان إلى حرب لا يريدها من دون أي تفويض من الدولة أو الشعب.
ومن أبرز التحديات الداخلية، الدعوات إلى نزع سلاح الحزب ووضعه تحت سلطة الدولة، وهي دعوات اكتسبت زخمًا غير مسبوق بعد فشله في إدارة الحرب، حتى باتت الأطراف المتباينة سياسيًا تلتقي على مطلب بسط سيادة الدولة على كامل أراضيها وحصر قرار الحرب والسلم بيد الحكومة والجيش.
وحتى داخل البيئة الشيعية نفسها، يواجه الحزب تحديات اجتماعية واقتصادية ضخمة، فقد تكبدت القرى والضواحي ذات الأغلبية الشيعية دمارًا هائلًا، إضافة إلى آلاف الضحايا في القصف الإسرائيلي المكثف.
وتوقفت الحرب مبدئيًا، لكن عجلة إعادة الإعمار في جنوبي لبنان وضاحية بيروت الجنوبية والبقاع لم تنطلق، فالدولة اللبنانية عاجزة ماليًا وإداريًا، في ظل الانهيار النقدي والمالي والاقتصادي المتواصل منذ 2019، وانعدام الثقة الدولية بها.
أما الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فقد أعلنا أنهما لن يمولا إعادة إعمار الضاحية أو الجنوب بدون ضمانات أمنية وسياسية، مثل نزع سلاح الحزب أو ضبط نشاطه، فيما لم تبادر دول خليجية كانت مساهمة في الإعمار بعد حرب 2026 إلى إعلان أي دعم.
أما إيران، الداعم الأساسي للحزب، فتعاني أزمة مزدوجة، أزمة اقتصادية داخلية بسبب العقوبات، وأزمة تعثر مفاوضاتها مع الغرب.