2025-07-04
تُعرف رومانيا بأسطورة دراكولا، لكن يُروى أن أول ظهور موثق لمصاص دماء كان في صربيا قبل 300 عام، في قرية كيسيلييفو الصغيرة التي تسعى اليوم إلى استعادة هذا الدور واستقطاب السياح.
يُعد بيتار بلاغوجيفيتش أول مصاصي الدماء المعروفين في الروايات الأوروبية، ويستلزم تتبّع أثره زيارة مقبرة صغيرة تقع بين ثلاثة حقول ذرة وبحيرة، على بعد نحو 100 كيلومتر شرق بلغراد. في هذا الموقع، نبش القرويون جثمانه في صيف عام 1725، بعد أن اشتبهوا بأنه يستيقظ من القبر ليقتل الأبرياء ليلا.
وقال ميركو بوغيتسيفيتش، الذي تنحدر عائلته من القرية منذ أحد عشر جيلا: "كان يومًا من حزيران أو تموز، استدعوا كاهنًا وفتحوا القبر".
يقول رئيس بلدية القرية السابق وكاتب السيرة غير الرسمي لبيتار بلاغوجيفيتش: "لقد وجدوا جثة سليمة تماما. عندما غرسوا في قلبه وتدا من الزعرور، راح دم جديد يسيل من فمه وأذنيه. أدرك جميع الحاضرين أن الأمر لم يكن مزحة".
وكانت صحيفة "فيينريشه دياروم"، الجريدة الرسمية لمحكمة فيينا، قد نشرت في 21 تموز 1725 تقريرا عن الحادثة. ويقول المسؤول نفسه: "كان على الأرجح رجلا عاديا حالفه الحظ، أو كان حظه سيئا، ليصبح مصاص دماء، وكل ما نعرفه عنه هو أنه جاء من كيسيلييفو، ويظهر اسمه في السجلات منذ قرابة عام 1700".
انتشرت القصة بسرعة، وعندما نقل الضباط النمساويون تلك الأحداث إلى رؤسائهم، "أرسلت بعثة من فيينا للتحقيق"، وفقا لـ كليمنس روثنر، مدير مركز الدراسات الأوروبية في "ترينيتي كولدج" في دبلن.
وصل الأطباء النمساويون إلى كيسيلييفو، ودونوا كلمة جديدة: "فامباير" (vampire)، التي لا يزال أصلها اللغوي محل جدل. وقال روثنر: "ثمة كلمة بلغارية قديمة هي "أوبيور" (Upior)، وتعني شخصا سيئا، أعتقد أن القرويين تمتموا هذه الكلمة مرات عدة، وأساء الأطباء فهمها، وكتبوا "فامباير" في تقريرهم".
وأضاف: "بأقلام النمساويين نشأت الكلمة، وكذلك مفهوم مصّ الدماء".
واليوم، وبعد مرور 300 عام، قلّة فقط يعلمون أن صربيا كانت موطن أول مصاص دماء، لكنّ سكان كيسيلييفو يسعون إلى إحياء تلك القصة، بعد أن عُثر مؤخرا على قبر بلاغوجيفيتش، الذي طمِست معالمه سابقا بدافع من التطيّر
وقال أستاذ التاريخ نيناد ميهايلوفيتش: "أجرينا التحقيق قبل بضع سنوات مع باحثين متخصصين في تحديد المواقع التي تُصدر الطاقة في الأرض"، مضيفا: "بجوار المكان، حدث أمر غير مألوف: غاصت القضبان التي كانوا يستخدمونها في الأرض بكل معنى الكلمة، لم يرَ الباحث عن الطاقة شيئا مماثلا من قبل".
وأشار إلى حجر القبر المتآكل قائلا: "هذا القبر، الذي تآكل شاهده على مر القرون، كان يُصدر مؤشرات إلى شيء غير عادي، وبعد استخراج جثته، أُحرقت وأُلقي رمادها في البحيرة".
وتأمل قرية كيسيلييفو الاستفادة من هذه الرواية. وقالت مديرة هيئة السياحة دايانا ستويانوفيتش: "الإمكانات هائلة، ترتبط أساطير وخرافات كثيرة بمنطقتنا، ولا أتحدث فقط عن قصة بيتر بلاغوجيفيتش، بل أيضًا عن سحر والاشيا، فلكل قرية تقاليدها الخاصة".
وقال ميركو بوغيتسيفيتش: "أعتقد أن ثمة أشياء لا نستطيع تفسيرها، أرواحنا ليست مجرد أرواحنا، وإذا كنا نؤمن بالحياة بعد الموت، بيسوع المسيح، فلماذا لا نؤمن بكل ذلك؟".
وعن تفسير الظاهرة، قال روثنر، مستندًا إلى نظرية تفشي الجمرة الخبيثة في صربيا مطلع القرن الثامن عشر، إن "مصاصي الدماء، مثل السحر، نماذج شائعة جدًا لتفسير ما لا يمكن تفسيره، وخصوصًا الظواهر الجماعية كالأوبئة".
وأضاف: "سردية مصاصي الدماء هي تفكير سحري، فبدلًا من تخيل سبب مجهول، كالبكتيريا، تجد مذنبًا: شخص شرير يموت ويجرّ الآخرين إلى القبر".