2025-09-11
قبل أربعة وستين عاماً، أُشعلت شرارة الأمل والحرية في جبال كوردستان حين قاد الزعيم الخالد ملا مصطفى بارزاني ثورة أيلول لتكون عنوانًا وأساسًا للفيدرالية في كوردستان.
انطلقت الثورة في 11 أيلول 1961 ردًّا على انحراف عبد الكريم قاسم عمّا تمّ الاتفاق عليه في الدستور الجديد، الذي أقرّ بالشراكة بين الكورد والعرب، واعترف بالحقوق القومية للشعب الكوردي. واستمرت الثورة قرابة عقد كامل حتى توصّلت إلى اتفاقية 11 آذار 1970، التي نصّت على حصول الكورد على الحكم الذاتي لكوردستان.
كانت لثورة أيلول محطّات فارقة، فمع عودة الزعيم ملا مصطفى بارزاني واستقباله زعيمًا وطنيًّا لكل العراقيين لا للكورد فحسب، بدأ عبد الكريم قاسم بالانقلاب على الدستور واستهدف الشعب الكوردي، ما أدى لاحقًا إلى سلسلة من الإجراءات والقرارات التعسفية بحق الكورد. ورغم أنّ الحزب الديمقراطي الكوردستاني انتهج في البداية منهجًا سلمياً عبر تقديم مذكرة تحدّد مطالب الشعب الكوردي، إلّا أنّ تعنّت قاسم ورفضه العودة إلى الدستور وتطبيقه أدّيا في نهاية المطاف إلى اندلاع ثورة أيلول الكبرى، التي استمرت ضد عبد الكريم قاسم ولاحقًا ضد البعثيين، حيث خاضت قوات البيشمركة بقيادة بارزاني ملاحم بطولية دفاعًا عن حرية الشعب الكوردي وحقوقه.
وفي عام 1974، تجددت المواجهات مع نظام البعث البائد إثر خرقه اتفاقية الحكم الذاتي، قبل أن توقع بغداد مع طهران اتفاقية الجزائر عام 1975، التي هدفت إلى تصفية القضية الكوردية. ومع ذلك، لم تدم نكسة الثورة طويلاً، إذ سرعان ما أعاد الحزب الديمقراطي الكوردستاني تنظيم صفوفه لإحياء ثورة جديدة كانت گولان.
لقد جسّدت ثورة أيلول وحدة شعب كوردستان بمختلف مكوناته، ورسّخت هويته السياسية والوطنية. وقد لخّص الرئيس مسعود بارزاني جوهرها بالقول: "الثورة التي أعادت الثقة والإرادة إلى شعب كوردستان، وشكّلت الأساس السياسي والتنظيمي لمسيرته الوطنية."
واليوم، وبعد أكثر من ستة عقود، تبقى ثورة أيلول مظلة جامعة لكفاح الشعب الكوردي وشعب كوردستان، وشعلة متقدة على درب الحرية. من جبال عام 1961 إلى حاضر عام 2025، تظلّ هذه الثورة ذكرى خالدة نستمدّ منها العزيمة، ونجدّد بها العهد.
تقرير: طوني منصور