2025-06-08
في عمق النسيج التاريخي لمدينة أربيل القديمة، تقف محلة العرب شاهدة على تحولات الزمن، بأزقتها الضيقة وبيوتها التي تحمل بصمات عقود من الحياة الحضرية المتواصلة.
تجاور هذه المحلة قلعة أربيل، التي تعود لأكثر من ستة آلاف سنة.
وبمحاذاتها، تصطف أحياء قديمة مثل خانقا وتعجيل، ومحلة العرب التي تمتد جذورها إلى ثلاثينيات القرن الماضي، لكنها تُخفي تحتها آثارًا أقدم بكثير، بعضها يعود إلى العصر الآشوري.
المحلة ليست مجرد حي سكني، بل هي متحف يضم آثارًا تعود إلى العصور الآشورية والإسلامية.
ففي عام 2006، اكتُشفت مقبرة آشورية تعود إلى القرن التاسع قبل الميلاد، تحتوي على قبور مبنية من الطابوق وأدوات فخارية، ما يبرز أهمية المحلة كموقع أثري فريد.
إلى جانب الآثار الآشورية، تضم المحلة مقابر إسلامية تعود إلى فترات مختلفة، مثل قبر السلطان مظفر الدين كوكبري، ما يعكس تنوعًا دينيًا وثقافيًا في المنطقة.
المميز في محلة العربي ليس آثارها فحسب، بل روحها.
تتميز محلة العرب بمنازلها ذات الطابع الشرقي التقليدي، وبأزقتها الضيقة وأسقفها العالية، ما يضفي عليها سحرًا خاصًا.
لكن، ورغم جمالها، تواجه هذه المنازل تحديات، حيث تشير التقارير إلى أن نحو ثلاثين منزلًا مهدد بالانهيار بسبب قدم البناء وعدم الصيانة.
لكن، رغم التحديات، تبقى محلة العربي حية بساكنيها وزوارها، الذين يواصلون الحفاظ على إرثها الثقافي والاجتماعي.
تشرف الجهات المعنية في إقليم كوردستان على تنفيذ خطة شاملة للمسح والتوثيق والترميم، وفق معايير تحفظ الطابع المعماري الفريد للمنطقة.
وقد باشرت اليونسكو دراسة ضم محلة العربي إلى قائمة التراث الثقافي غير المادي، نظرًا إلى ما تحمله من أهمية حضارية وإنسانية.
محلة العرب ليست مجرد زقاق قديم.. إنها ذاكرة حيّة، وسجل نابض للمدينة التي احتضنت الجميع.
من هنا... من قلب أربيل، يبدأ الحاضر من جذور الماضي.
تقرير: إيسامار لطيف