2025-06-10
لطالما تعلمت الإنسانية من حكمة مصر القديمة، وتقاليد فارس الممتدة لخمسة آلاف عام، ومن الثقافة والحضارة العظيمة لروسيا، وفلسفة الأوبونتو الأفريقية التي تضيء العلاقات الإنسانية السليمة، ومن الحكمة اليونانية الكلاسيكية، ومن الأنبياء القدامى، ومن العالم الإسلامي بملياري نسمة وما يملكه من تقاليد مذهلة وفكر حكيم، ومن الحضارة اليابانية وكذا الصينية بمفهوم كونفوشيوس العبقري الذي يرسخ فكرة التناغم في التنوع رغم اختلافاتنا، لننتمي جميعًا إلى عائلة إنسانية واحدة.
فمن تملك واحدة من أعظم الحضارات في العالم وتؤمن بحكمها القديمة مثل الصين، لا غرابة أن تبادر بفكرة يوم دولي يخلد الحوار بين الحضارات.
فبمبادرة صينية دعمتها أكثر من 80 دولة في السابع من يونيو عام 2024، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم العاشر من هذا الشهر يومًا دوليًا للحوار بين الحضارات، لتؤكد أن جميع الإنجازات الحضارية تُعد "إرثًا جماعيًا للبشرية".
كما تشدد على أهمية احترام التنوع الحضاري، وتسلط الضوء على "الدور الحاسم للحوار" في صون السلام العالمي، وتعزيز التنمية المشتركة، والاحترام المتبادل، وتحسين رفاه الإنسان، وتحقيق التقدم الاجتماعي والتضامن العالمي. وهو ما يتماشى ضمنيًا مع ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وفي مفهومه، يركز حوار الحضارات على التشاور والتفاعل الثقافي بين مختلف الشعوب والحضارات، بهدف تعزيز التفاهم والتعاون والتعايش السلمي. فهو عملية تفاعلية تستهدف فهم وتجاوز الاختلافات الثقافية والدينية والسياسية، وبناء جسور التواصل بين المجتمعات المختلفة لإيجاد أرضية مشتركة لمواجهة التحديات الملحة في عصرنا، وفي ظل الأزمات المتشابكة التي يواجهها العالم، مثل اتساع الفجوات في مجالات السلام والتنمية والثقة والحوكمة، إذ تقف البشرية عند مفترق طرق تاريخي حيث يزداد عدم الاستقرار والتحولات العميقة.
ولم تكن الحاجة إلى التضامن والحوار والتعاون أشد إلحاحًا مما هي عليه اليوم. وما صورة أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة المعبرة برسالته احتفاءً بهذا اليوم، وهو يُلقي التحية بأسلوب الماوري التقليدي "هونغي" بتقارب الأنفين والجبهتين، إلا قناعة حتمية بأن الحوار بات ضرورة لا اختيارًا وألّحّ من أي وقت مضى. وحيثما غاب الحوار، سدَّ الجهلُ مسدَّه.
تقرير: حذام عجيمي