نجح الرئيس الأميركي دونالد ترامب في انتزاع توقيع واتفاق شراكة مع أوكرانيا في مجال الموارد المعدنية في خطوة قد يقرأها المراقبون بأن تقديم الدعم الأميركي لأوكرانيا في مواجهة روسيا ليس مجانيًا.

ففي خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين واشنطن وكييف، وقعت الولايات المتحدة وأوكرانيا اتفاقية وصفت بأنها حجر الأساس لجهود إعادة إعمار أوكرانيا وبوابة لتقليل الاعتماد الغربي على سلاسل الإمداد القادمة من الصين في قطاع المعادن النادرة. 

الاتفاقية التي أُعلن عنها في نهاية أبريل 2025 جاءت بعد أشهر من المفاوضات بين الجانبين، وتشكل إطارًا قانونيًا واقتصاديًا لإنشاء صندوق مشترك يُعرف بـ "صندوق الاستثمار لإعادة الإعمار"، هذا الصندوق المملوك والمدار بشكل ثنائي من قبل الحكومتين الأميركية والأوكرانية يهدف إلى استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية واستثمارها في تطوير البنية التحتية والطاقة وقطاع التعدين في أوكرانيا.

وتتضمن الاتفاقية التزام أوكرانيا بتحويل 50 في المئة من العائدات المستقبلية المستخرجة من أصولها الطبيعية إلى هذا الصندوق، ومن جانبها تعهدت الولايات المتحدة بدعم مالي وعسكري شمل حزمة مساعدات بقيمة 50 مليون دولار، إضافة إلى مساهمات من مؤسسات تنموية أميركية.

ونشرت وزارة الخزانة الأميركية صورة على موقع X يظهر فيها وزير الخزانة سكوت بيسنت ونائبة رئيس الوزراء الأوكراني يوليا سفيريدينكو أثناء توقيع الاتفاق، وقالت سفيريدينكو إن الاتفاق "يشير بوضوح إلى التزام إدارة ترامب بأوكرانيا حرة وذات سيادة ومزدهرة".

وبالرغم من الطابع الاقتصادي البحت للاتفاقية، إلا أنها تحمل أبعادًا استراتيجية أوسع، إذ تسعى الولايات المتحدة من خلالها إلى تنويع مصادرها من المعادن النادرة بعيدًا من الصين التي تهيمن على السوق العالمي لهذه المواد الحيوية المستخدمة في صناعات الدفاع والتكنولوجيا النظيفة، في المقابل تمثل الاتفاقية مكسبًا سياسيًا واقتصاديًا لأوكرانيا يعزز من حضورها الدولي ويمنحها أدوات فعالة لتسريع تعافيها من آثار الغزو الروسي. 

ومع ذلك، لا تخلو الاتفاقية من التحديات، إذ لم تتضمن نصوصًا واضحة حول الضمانات الأمنية التي طالبت بها كييف، ما دفع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى التأكيد على أن الاتفاق يمثل "خطوة أولى" في مسار تعاون أوسع، وأن المسائل الأمنية ستناقش لاحقًا ضمن اتفاقيات منفصلة مع الولايات المتحدة وحلفائها.

تقرير: طوني منصور