2025-09-06
كحصن منيع يحرس كل قطرة ماء، يقف سد كومسبان شمالي أربيل في مواجهة التغير المناخي حيث ترتفع درجات الحرارة وتزداد ندرة المياه العذبة، فشيئا فشيئا يرتفع منسوب المياه في بحيرة السد الضخمة ليمنح الأمان لسكان أربيل، فكل مساحة من هذه البحيرة تتحول إلى مصدر للزراعة والسياحة والثروة السمكية.
ومن حوله تمتد الطرق لتربط المجتمعات وتفتح آفاقا جديدة للحياة، حيث تنبهت حكومة إقليم كوردستان مبكرا لخطر تراجع الواردات المائية الطبيعية، فتحركت خلال السنوات الـ4 الماضية فأنشأت 8 سدود استراتيجية جديدة وأخرى قيد الإنشاء، بالإضافة إلى 23 بحيرة مائية و58 بحيرة إضافية قيد التنفيذ.
وقد رفعت المشاريع من معدل الخزن أكثر من 250 مليون متر مكعب من المياه، وهي لا توفر مياها نظيفة فقط، بل تلبي احتياجات الإقليم لعقود قادمة، وتدعم توليد الكهرباء وأنشطة الري وتعزز السياحة.
ويؤكد مسؤولون في حكومة الإقليم أن تلك المشاريع رفعت القدرة التخزينية للمياه إلى ما مجموعه 10 مليارات و100 مليون متر مكعب، إذ تتحول خزانات الإقليم المائية اليوم إلى رافد أساسي في دعم العراق بمواجهة أزمة ندرة المياه بعدما دخل البلد مرحلة اللا أمان المائي منذ مطلع هذا العام.
فنهر دجلة، فقد أكثر من 60% من مياهه، والفرات لا يرسل سوى ثلث تدفقاته التاريخية، والخزين في السدود لا يكفي سوى 3 أشهر، بينما المياه الجوفية تنخفض 1.5 متر كل عام، فيما الزراعة تتقلص بنسبة 70%، وإنتاج الكهرباء المائية يتراجع إلى النصف، ومياه الشرب في الجنوب تتحول إلى سائل مالح بمعدلات مرتفعة بالآلاف من الأجزاء في المليون.
المشهد البيئي قاتم، 39% من الأراضي الزراعية خرجت من الخدمة، والأهوار تقلصت إلى نصف مساحتها خلال عامين فقط، والأنهار باتت محملة بالملوثات أكثر من أي وقت مضى، ليصبح العراق أمام تحد وجودي، فمياهه تتبخر أسرع مما يعاد ملؤها، فيما يشتد المناخ قسوة، لتتحول كل قطرة ماء إلى معركة من أجل البقاء.
ولكن كيف وصل العراق إلى هذا الواقع؟ لفهم ذلك يجب العودة إلى عام 1990، فبينما حول جيرانه الأنهار إلى خزانات ضخمة وبنوا مئات السدود، بقي العراق عاجزا عن تطوير بنيته المائية، وفي المقابل أنشأت تركيا 22 سدا بسعة تخزين إجمالية تصل إلى 48 مليار متر مكعب.
وفي ذات الفترة إيران ضربت أرقاما قياسية، بنت أكثر من 600 سد بسعة تخزين وصلت إلى 51 مليار متر مكعب، أما سوريا فأنشأت 166 سدا جديدا بسعة تخزين قاربت 19 مليار متر مكعب.
الفارق في عدد السدود وسعة التخزين يكشف إخفاق العراق في مواجهة أزمة المياه، في عالم يتغير بسرعة ويزداد فيه الصراع على الموارد، في المقابل تتقدم كوردستان بخطوات حاسمة في معركة الأمن المائي لبناء نموذج مستدام يشكل ضمانة حقيقية للمستقبل.
تقرير: صهيب الفهداوي