2025-05-08
من موسكو، جاءت الهدنة بصيغة أحادية، وبأسلوب رمزي. ثلاثة أيام من الصمت المدفعي تزامنت مع الاحتفال الرسمي بذكرى النصر في الحرب العالمية الثانية. ورغم أن المبادرة وُصفت في الداخل الروسي بأنها تحية للضحايا ورسالة تأمل في ثمن الحروب، فإن رفض كييف يُفسر هنا على أنه تموضع سياسي يتناقض مع ذاكرة الانتصار على الفاشية.
الموقف الأوكراني اعتبر في موسكو دليلاً على غياب الاستعداد السياسي للحوار، ما عزز قناعة الكرملين بغياب الرغبة في إحلال السلام من الطرف الآخر، خاصة في ظل استمرار الدعم الغربي لكييف على المستويات العسكرية والسياسية. وهو ما جعل الخطاب الروسي الرسمي يتجه نحو مزيد من التصلب، مستنداً إلى ما يعده ثوابت دستورية وخطوطاً حمراء لا يمكن تجاوزها.
ورغم أن المبادرة الروسية تطرح في ظاهرها كخطوة تهدئة، إلا أن دولاً أوروبية تبدي شكوكاً عميقة حيال نوايا الكرملين، معتبرة الهدنة محاولة لالتقاط الأنفاس وتحقيق مكاسب ميدانية. في المقابل، أطلقت موسكو تحذيرات شديدة اللهجة، مؤكدة أن أي استهداف لروسيا خلال مراسم احتفالات عيد النصر سيقابل برد قاس، مشددة على أن مغامرة من هذا النوع قد تفتح الباب أمام ردود لا تتخيل عواقبها.
تحت لافتة الهدنة، تبعث موسكو برسائل مزدوجة: انفتاح مشروط على الحوار، وتمسك صارم بالواقع الميداني والدستوري. وبينما تقابل هذه الإشارات بتشكيك غربي ورفض أوكراني، يبقى وقف إطلاق النار محطة عابرة، في مشهد لا يزال مفتوحاً على التصعيد أكثر من أي تسوية قريبة.
تقرير: أيهم القاضي