بإعلانها "تحرير مقاطعة كورسك" وإطلاق مشروع المنطقة العازلة داخل الأراضي الأوكرانية، تسعى موسكو وفق رؤيتها إلى منع أي اختراق أمني يهدد عمقها الحدودي، خطوة تندرج في سياق أوسع، تعتقد فيه القيادة الروسية أن ميزان القوى بات يميل لصالحها، مع تراجع الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا، وتعثر الجهود السياسية لإنقاذ ما تبقى من خطوط الدفاع الأوكرانية.
في ضوء هذا التحول، تمضي روسيا في تعزيز موقفها التفاوضي من خلال المطالبة بالاعتراف بسيادتها على مناطق شاسعة شرق وجنوبي أوكرانيا، وبينما خسرت كييف ورقة كورسك كخط دفاع متقدم، باتت موسكو تستخدمها اليوم كورقة ضغط لترسيخ واقع سياسي جديد على الأرض.
في المقابل، لا تُظهر كييف حتى الآن استعدادًا فعليًا للدخول في مفاوضات بناءً على التوازنات الحالية، رغم إعلان موسكو استعدادها لهدنة مؤقتة في عيد النصر، المبادرة التي طرحها الرئيس بوتين كإشارة لحسن النية، قوبلت بصمت رسمي من كييف، في وقت يستمر فيه التصعيد الميداني والاتهامات المتبادلة بين الطرفين.
في ظل انكفاء الدعم الغربي وتراجع قدرة كييف على استعادة زمام المبادرة، تتحرك موسكو بثقة وفق حساباتها الخاصة، لم تعد الحرب بالنسبة لها نزاع حدود، بل معركة وجود، تعيد من خلالها رسم خارطة النفوذ في أوروبا على أسس جديدة.
تقرير: أيهم القاضي