2025-09-26
"أنا أتحدث ما لا يريد هذا الرجل قوله"، بهذه العبارة فاجأ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الجميع، حين أطلق تصريحات حملت ما لم يرغب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بسماعه، قائلا إن تركيا منذ ألفي عام تسعى للسيطرة على سوريا.
وبذلك، نسف ترامب أعراف الدبلوماسية الأميركية التقليدية، ورسم نهجا جديدا يقوم على كشف الأوراق أمام الجميع. لكن التساؤل المطروح، هل كلامه محصور في سوريا فقط، أم أنه يعكس مسعى تركيا الأوسع نحو التمدد والسيطرة؟
فتحت حكم حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان، ظهرت ملامح مشروع "النيـو-عثمانية"، وهو ليس إعادة للخلافة بالمعنى الحرفي، بل سعي لتعزيز نفوذ تركيا في مناطق خضعت سابقا للعثمانيين، من البلقان إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وقد وظفت أنقرة هذا الإرث رمزيا وثقافيا لتبرير تدخلاتها السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية.
وفي سوريا، برز هذا التوجه من خلال دعم المعارضة السنية منذ اندلاع الثورة، وتوسيع النفوذ في إدلب وجرابلس وعفرين، وصولا إلى تغييرات ديموغرافية عبر توطين لاجئين سنة بدلا من سكان كورد أو علويين أو مسيحيين.
كما شهدت مناطق الشمال السوري تكريسا للنفوذ التركي، من خلال اعتماد الليرة التركية في التعاملات، وفرض مناهج دراسية تركية، وتقديم الخدمات عبر البلديات التركية. وبعد سقوط نظام الأسد، اتجهت تركيا نحو تقوية نظام الشرع، مع الحديث عن قواعد عسكرية ثابتة في عفرين وتل أبيض.
إذن، تسير أنقرة اليوم في سياسة توسع نفوذ مركبة، تمزج بين التاريخ والدين والبراغماتية الأمنية. ورغم قولها إنها لا تسعى لاحتلال سوريا، إلا أن الوقائع تشير إلى محاولة فرض نفسها كقوة إقليمية فاعلة على حدودها الجنوبية، بمزيج يجمع بين أمجاد السلطنة العثمانية وطموحات قومية وأمنية ودينية بأسلوب حديث.