Mask
Logo

undefined

العلاقة السورية الروسية.. من التحالف الحديدي إلى مفترق التحولات

2025-07-31

في زوايا التاريخ العتيقة، نسجت علاقة سورية – سوفيتية خيوطها الاولى في ستينيات القرن الماضي، كحكاية معقدة بين صداقة السياسة والتحالف. بدأت هذه القصة مع انقلاب البعث عام 1963، لكنها اتخذت ابعادا ملحمية في عهد حافظ الاسد، الذي غرس جذور تحالف لا يقهر مع موسكو منذ عام 1970. في 1971، تحول ميناء طرطوس الى بوابة استراتيجية، فتحها السوفييت لتوسيع نفوذهم في مياه البحر المتوسط، كأنهم يرسمون خرائط قوة جديدة في قلب المنطقة.

وفي خضم نيران حرب اكتوبر 1973 دعم السوفييت سوريا، بالسلاح والخبراء. اما ثمانينات القرن الماضي، فكانت موسكو تفيض بسخاء، تقدم لسوريا اكثر من 25 مليار دولار مساعدات عسكرية، كحصن من فولاذ يحمي حليفها وسط العواصف العسكرية والسياسية.

ومع انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، ظن البعض ان هذه الملحمة انتهت، لكن الرماد لم يكن الا شرارة، اذ انتعشت العلاقة بقوة في عهد بشار الاسد الذي تولى الرئاسة عام 2000، حين منحت روسيا دمشق هدية ثقيلة الوزن وهي اعفاء 73% من ديونها القديمة في 2005، ما يعادل 9.8 مليار دولار، فاتحة صفحة جديدة لشراكة اعمق. وفي العقد التالي، لم يعد التعاون مجرد تحالف سياسي، بل امتد الى الاستثمارات في الطاقة والبنية التحتية، حيث رسمت طرق موسكو الطويلة في قلب سوريا.

اندلعت الثورة السورية في 2011، فكانت موسكو الصخرة التي لم تهتز، تدعم النظام بلا تردد. وحين جاء سبتمبر 2015، ارسلت موسكو قواتها مباشرة، واقامت قاعدتي حميميم وطرطوس، ومنحها بشار الاسد حق استخدامهما 49 عاما، لتثبت وجودها العسكري.

ومع سقوط نظام بشار الاسد في ديسمبر 2024، وبدء عهد الادارة الانتقالية برئاسة احمد الشرع، تحولت العلاقة الى فصل جديد من التوتر والاختبار. في يناير 2025، شهدت دمشق مفاوضات حاسمة مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوجدانوف، ناقشت مستقبل القواعد العسكرية، العدالة الانتقالية، وتسليم الاسد، في لقاء حمل اجواء غير اعتيادية.

على مدى نصف قرن، نمت هذه العلاقة من بذرة ايديولوجية الى شجرة مترامية الجذور، تثمر شراكة عسكرية واستثمارية. واليوم، يقف هذا التحالف عند مفترق طرق، فيما الزمن وحده يحمل مفتاح المستقبل.


تقرير: مالك دغمان

Logo

أخبار ذات صلة