2025-07-31
في واشنطن، تُبنى التحالفات على عقود وتُحسم المواقف على جداول التصويت، لكن ليس دائمًا. وغزة التي كسر الجوع أبواب بيوتها، بدأت للمرة الأولى منذ عقود تدخل إلى قاعة القرار الأميركي، لا كملف خارجي، بل كاختبار داخلي.
أربعة وأربعون عضوًا ديمقراطيًا في مجلس الشيوخ وجّهوا رسالة إلى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يطالبون بوقف المجاعة في غزة واستئناف محادثات التهدئة. الرسالة كانت سياسية، نعم، لكنها أيضًا كانت تقنية ودقيقة، وتفتح للمرة الأولى تساؤلًا علنيًا حول أداء مؤسسة غزة الإنسانية التي تتولى توزيع المساعدات بغطاء أميركي إسرائيلي مشترك.
الاتهامات وُجّهت بصوت عالٍ وبوضوح: فشل في الإدارة، وفوضى في التوزيع، وسقوط قتلى بين المدنيين الجائعين. اللافت أن المناشدة جاءت بقيادة أربعة من الأعضاء اليهود داخل الحزب الديمقراطي: آدم شيف، وتشاك شومر، وجاكي روزن، وبرايان شاتز.
وفي السياق ذاته، يتحرك بيرني ساندرز بخلفيته المستقلة لطرح مشروعي قرار لوقف تصدير الأسلحة الهجومية لإسرائيل. قدمت الولايات المتحدة أكثر من 22 مليار دولار للعمليات العسكرية الإسرائيلية منذ بدء هذه الحرب.
22 مليار دولار تُستخدم أموال دافعي الضرائب الأميركيين لتجويع الأطفال، وقصف المدارس، وقتل المدنيين، ودعم وحشية نتنياهو ووزرائه المجرمين. هذا، يا سيدي الرئيس، هو السبب الذي دفعني إلى تقديم هذين القرارين الرافضين لمنع مبيعات الأسلحة الهجومية إلى إسرائيل.
الخطوة ليست رمزية فقط، بل تشريعية، تُطرح للتصويت، والنتيجة: فشل المشروعين، لكن الدعم لهما تضاعف مقارنة بأشهر مضت. والسؤال لم يعد عن التصويت، بل عن اتساع الخلاف.
وفي مجلس النواب، ثلاثة وتسعون ديمقراطيًا يطلبون من وزير الخارجية ماركو روبيو فتح تحقيق شامل في مؤسسة غزة. ليست مجرد مطالبة إجرائية، بل تحذير من أن تكون تلك المؤسسة قناة واحدة بلا رقابة في ملف يُفترض أن يخضع لرقابة دولية صارمة.
السياسة الأميركية تجاه إسرائيل لا تزال محكومة بتاريخ طويل من الدعم الثابت، والجدل داخل الكونغرس لم يغير اتجاه، لكنه شقّ سطوره وأدخل إلى قاعاته مشهدًا لم يكن مألوفًا: صور الجياع وهم ينتظرون شاحنة إغاثة.
تقرير: علي حبيب