Mask
Logo

undefined

بسبب الحرب.. سوق العلاج النفسي ينتعش في إسرائيل

2025-10-13

مع تراجع العمليات العسكرية في غزة، تتكشف داخل إسرائيل أزمة صامتة لا تقل خطورة عن الحرب نفسها، موجة غير مسبوقة من الاضطرابات النفسية بين الجنود والمدنيين، تحولت سريعًا إلى سوق جديدة تزدهر فيها شركات التكنولوجيا الطبية. فبينما ترفع الحكومة شعار إعادة التأهيل، يرى مراقبون أن ما يجري هو ولادة صناعة مربحة للألم، تمزج بين التكنولوجيا ورأس المال والمعاناة الإنسانية.

ووفق تقارير ميديا لاين الأميركية ويديعوت أحرونوت العبرية، شهدت إسرائيل منذ السابع من أكتوبر 2023 طفرة في الشركات الناشئة المتخصصة بتقنيات علاج الصدمات النفسية، مدفوعة بارتفاع كبير في أعداد المصابين. وتشير بيانات وزارة الأمن الإسرائيلية إلى أن أكثر من 31 ألف جندي يعانون من اضطرابات نفسية ناجمة عن الحرب، من أصل 82 ألفًا تلقوا علاجًا منذ اندلاعها. كما تفيد التقديرات بأن 38% من هؤلاء باتوا بحاجة إلى دعم علاجي طويل الأمد، بينما تجاوز عدد المصنفين كمصابين باضطراب ما بعد الصدمة 4 آلاف جندي حتى أكتوبر الجاري.

وفي موازاة ذلك، خصصت الهيئة الحكومية نحو 30% من استثماراتها في الرعاية الصحية لتقنيات الصحة النفسية، في تحول يعكس كيف تحولت المعاناة الفردية إلى قطاع استثماري يدر ملايين الدولارات سنويًا. ومن أبرز الشركات الصاعدة "غراي ماترز هيلث" في حيفا، التي تطور أنظمة لمراقبة المؤشرات العصبية، و"مونتالي" التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في التشخيص والعلاج. وتعمل هذه الشركات بالتعاون مع مستشفيات كبرى وبدعم من برامج الابتكار الأوروبية، حيث ارتفعت الطلبات المقدمة لمشروعات الصحة النفسية بنسبة 60% خلال الأشهر الأخيرة.

في المقابل، تحذر منظمات مدنية من تفاقم الصدمة الجماعية. إذ قالت المديرة التنفيذية لجمعية العمل الجماعي من أجل الصمود في إسرائيل إن الخبراء يتوقعون زيادة في حالات الانتحار بين الجنود تصل إلى 30% خلال السنوات المقبلة، في ظل ارتفاع مستويات القلق والخوف والانعزال. وتشير وزارة الدفاع إلى أن 56% من المصابين يعانون اضطرابات نفسية حادة، بينما يتوقع تضاعف عدد المصابين باضطراب ما بعد الصدمة ليبلغ 100 ألف جندي بحلول عام 2028.

أما على المستوى المجتمعي، فكشفت دراسة مشتركة بين شركة "تيفا" للصناعات الدوائية وشركة "سابيو" للأبحاث أن أكثر من 70% من الإسرائيليين، سواء من العسكريين أو المدنيين، طلبوا مساعدة نفسية منذ الحرب، فيما أقر 85% منهم بمعاناتهم من قلق وجودي، و75% من اضطرابات في النوم والتركيز. ورغم تضاعف عدد الاختصاصيين النفسيين في إسرائيل، فإن نصفهم تقريبًا اضطروا إلى رفض استقبال مرضى جدد بسبب ضغط العمل.

بين حديث إسرائيل عن جهود إعادة التأهيل ومعاناة الآلاف من المدنيين والجنود من اضطرابات نفسية، يظهر استثمار جديد مولود على أنقاض المعاناة ويستثمر في الخوف والاكتئاب والصدمة كمنتجات لعصر ما بعد الحرب.


تقرير: حسام مشي


Logo

أخبار ذات صلة