في محافظة ظفار العُمانية، وتحديدًا في صلالة، يجتمع رجال بملابسهم التقليدية لأداء قصائد متوارثة منذ قرون بلغة الجبّالية الشحرية، التي لا يتحدث بها سوى نحو 2% من سكان السلطنة. لغة ضاربة في عمق التاريخ حمتها الجبال من الضياع لقرون، لكن تحديات العصر الرقمي وانتقال الأجيال إلى المدن تهدد بقاءها.

في قلب ظفار نشأت لغة الجبّالية الشحرية، إحدى اللغات السامية العربية الجنوبية، التي ما زال يتقنها نحو 120 ألف شخص فقط.

العزلة الجغرافية في جبال ظفار ساعدت على حماية هذه اللغة عبر الأجيال، حيث ينشأ الأطفال على لسان الأجداد ويتعلمون الفنون الشعبية التي تحمل كلمات عتيقة اندثرت من الحياة اليومية. لكن هذه العزلة لم تعد كافية أمام تأثير الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي وانتقال الكثير من أبناء الجبال إلى المدن.

رغم ذلك يصر أهل ظفار على توريث لغتهم للأبناء. يبدأ تعليم الجبّالية في البيت، حيث يسمع الطفل والديه وأجداده يتحدثون بها فيتشربها تلقائيًا. حتى الأطفال أنفسهم يعبرون عن تفضيلهم التحدث بها على العربية التي تبقى لغة المدرسة بالنسبة لهم.

ويتم الحفاظ عليها أيضًا عبر الفنون الشعبية مثل النانا والدبرارت التي تحتوي على مفردات نادرة.

تُبذل جهود مكثفة لتوثيق اللغة، حيث يعمل فريق على إعداد أول معجم شامل يضم نحو 125 ألف مفردة مترجمة إلى العربية والإنكليزية، مع نسخة إلكترونية مزودة بخاصية النطق الصوتي لحفظ مخارج الحروف المميزة.

تأتي هذه المبادرة ضمن خطة عُمان 2040 التي تركز على صون اللغات والموروثات الشعبية في محاولة لحماية أحد أقدم كنوز الهوية العمانية.

تقرير: علي الكبيسي