من شارع أربات الشهير في موسكو، حيث تنتشر محال التحف التذكارية، يلفت الانتباه حضور دمى الماتريوشكا الخشبية بألوانها الزاهية، وهي لعبة روسية تقليدية وُلدت قبل أكثر من مئة وعشرين عاما دون أن تفقد بريقها. فهي ليست مجرد دمية داخل أخرى، بل رمز للأمومة والعائلة والاستمرارية.

لا تقتصر الماتريوشكا على كونها قطعة للزينة، بل أصبحت مع مرور الزمن مرآة تعكس التغيرات الثقافية والسياسية في روسيا. تجسد بعضها زعماء سياسيين، وأخرى تعرض شخصيات أدبية أو رموزا رياضية وفنية، ولعل هذا ما يجعل الزائرين لا يغادرون إلا وفي حقائبهم ماتريوشكا تحمل شيئا من روح روسيا العميقة.

وبالرغم من التقنيات الحديثة، لا تزال صناعة الماتريوشكا تعتمد على الحرفية اليدوية، وهو ما يمنحها قيمة خاصة. فكل قطعة تحتاج إلى صبر ودقة في الحفر والطلاء حتى تخرج بهذا الشكل المتناغم الذي يجذب الأنظار.

وهكذا، تظل الماتريوشكا أكثر من مجرد دمية خشبية، فهي قصة تُحكى بالألوان والحفر، تختصر في داخلها أجيالا من الثقافة الروسية، رمز للعائلة، ومرآة للتاريخ، وجسر يربط الماضي بالحاضر.

مراسل شمس: أيهم القاضي