الحمى النزفية، ذلك الاسم الذي يعود كظل ثقيل في كل تفش جديد، يضرب في صمت، ويتردد في أروقة المستشفيات والمسالخ، حيث يثير القلق في قلوب الجميع.
من بغداد إلى أربيل، ومن السليمانية إلى البصرة، الفيروس لا يعرف حدودًا، يصيب الإنسان عبر الحيوان، في حلقة خفية من العدوى التي تبدأ دون أن يشعر بها أحد، لتتسلل بهدوء إلى الجسم، فتأخذ الضحية إلى الموت.
CCHF، اختصار للحمى النزفية، أو كما يسميه الأطباء "القاتل الصامت"، هو مرض فيروسي خطير، ينتقل غالبًا من الماشية إلى الإنسان عبر لدغة قراد، أو ملامسة دم الحيوان الملوث أثناء الذبح.
أعراضه تبدأ بحمى شديدة، ثم يرافقها صداع متواصل، آلام عضلية مرهقة، وفي النهاية، نزيف داخلي وخارجي. وما يزيد الأمور تعقيدًا هو أن نسبة الوفاة قد تصل إلى 30% دون علاج مبكر، في ظل غياب اللقاح.
في إقليم كوردستان، وبعد تسجيل أول إصابة، أطلقت وزارة الصحة تعليمات عاجلة تشمل إجراءات صارمة، أهمها الذبح في مسالخ مرخصة، ارتداء القفازات والملابس الواقية، وتخزين اللحم في درجة حرارة تتراوح بين 4 و8 مئوية لمدة 24 ساعة قبل الطهي.
أما على الصعيد العالمي، فقد توسع انتشار الحمى النزفية في السنوات الأخيرة، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، بسبب تغير المناخ، ليطال دولًا جديدة مثل روسيا وإيران. وفي عام 2025، مات في الكونغو الديمقراطية 53 شخصًا بسبب تفشي المرض.
في المعركة مع الفيروسات، قد تكون الحمى النزفية قاتلة. لذلك، تجنبوا الاقتراب من الحيوانات المريضة، لا تذبحوها في المنازل أو خارج المسالخ، والأهم من كل ذلك، إياكم ولمس الدماء أو اللحوم دون حماية كاملة. فالوعي هو السلاح الأول للوقاية.
تقرير: مالك دغمان