الساعة السادسة وتسع وعشرون دقيقة صباحا من يوم السبت السابع من أكتوبر عام 2023، مع خيوط الفجر الأولى، استيقظ العالم على صدمة وُصفت يومها بغير المسبوقة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

في لحظة بدت فيها الأوضاع هادئة، أعلنت حركة حماس انطلاق عملية مفاجئة وكبيرة أطلقت عليها اسم "طوفان الأقصى"، بدأت بهجوم صاروخي مكثف من قطاع غزة باتجاه البلدات والمستوطنات الإسرائيلية المحاذية، حيث تم إطلاق نحو 5000 صاروخ خلال وقت وجيز.

ورغم محاولات منظومة "القبة الحديدية" اعتراض هذا السيل من الصواريخ، فإن حجم الهجوم فاق قدراتها، ما أدى إلى سقوط عشرات الصواريخ على أهداف مدنية وعسكرية جنوبي إسرائيل.

بالتزامن مع الهجوم الصاروخي، نفذ أكثر من 1200 مقاتل من كتائب القسام هجوما بريا منسقا باستخدام وسائل تنقل غير تقليدية: دراجات نارية، شاحنات صغيرة، زوارق بحرية، وطائرات شراعية مزودة بمحركات.

وتمكن المقاتلون من اختراق السياج الحدودي عبر تفجيره أو جرفه، في أكبر توغل بري منذ عقود، تحولت المناطق الحدودية الجنوبية لإسرائيل خلال دقائق إلى ساحة معارك مفتوحة.

استهدفت القوات الفلسطينية المهاجمة 50 موقعا عسكريا ومدنيا، شملت قواعد عسكرية، مراكز شرطة، وكيبوتسات.

وفي الساعة السابعة صباحا، أظهرت الصور الأولى وجود مسلحين ومركبات تابعة لحماس داخل مدينة سديروت، الواقعة على بُعد أقل من كيلومتر واحد من الحدود مع غزة.

وفي عمق الجنوب، نفذت الحركة هجمات دامية على عدد من الكيبوتسات، أبرزها: بئيري، كفار عزة، نيريم، نير عوز، نيتيف هاسارا، وكيبوتس ياخيني.

وفي مهرجان "سوبر نوفا" الموسيقي، الذي كان يضم نحو 3000 مشارك في الهواء الطلق، قُتل ما لا يقل عن 370 شخصا.

بين الساعة السادسة والنصف صباحا والثامنة والنصف صباحا، شن مقاتلو حماس هجمات على عدد من القواعد العسكرية المحاذية للقطاع، من بينها: إيريز، زيكيم، ناحال عوز، صوفا، وراعيم، إضافة إلى قواعد قرب بئيري وكيرم شالوم.

وفي الساعة العاشرة صباحا، اعترف الجيش الإسرائيلي بأن مسلحين فلسطينيين سيطروا على ثلاث قواعد عسكرية على الأقل.

وقد قُتل عشرات الجنود، بعضهم أثناء نومهم أو من دون سلاح، وفي ناحال عوز وحدها سقط ما لا يقل عن 50 جنديا، العديد منهم من المجندات.

عند الساعة العاشرة وتسع وثلاثين دقيقة صباحا، بدأت إسرائيل حملة قصف جوية عنيفة استهدفت مواقع تابعة لحماس داخل قطاع غزة.

وبعد ساعة، خرج رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في خطاب متلفز ليعلن: "هذه ليست عملية عسكرية... إنها حرب."

في الساعات التالية، بدأت صور الرهائن الإسرائيليين تظهر من داخل قطاع غزة. وقد بلغ عدد المختطفين 251 شخصا، من بينهم 44 من مهرجان نوفا و74 من كيبوتس نير عوز.

بحلول الساعة الواحدة والنصف ظهرا، بدأت وحدات الجيش الإسرائيلي بالوصول إلى المناطق المنكوبة مثل بئيري وسديروت، إلا أن السيطرة لم تُستعد بالكامل حتى ساعات المساء. وفي قاعدة رعيم، مقر قيادة فرقة غزة، استعادت القوات الإسرائيلية السيطرة بعد معارك شرسة.

في مساء اليوم نفسه، بدأ إجلاء عشرات الآلاف من الإسرائيليين من الجنوب، حيث تم نقل نحو 125000 إسرائيلي بعيدا عن مناطق الاشتباك.

استغرق الأمر ثلاثة أيام، حتى العاشر من أكتوبر، لتعلن إسرائيل أنها استعادت السيطرة الكاملة على جنوب البلاد.

السابع من أكتوبر عام 2023 يوم مفصلي في تاريخ المنطقة، تسبب في زلزال سياسي وأمني داخل إسرائيل، وفتح الباب على مرحلة جديدة من التصعيد.

تقرير: فؤاد مشيك