2025-10-21
في عالم تتدفق فيه المعلومات من كل اتجاه، وتتعدد فيه المصادر ما بين منصات رقمية، ووسائل إعلام، وشبكات اجتماعية، تظهر الدراية الإعلامية والمعلوماتية كمهارة أساسية لا غنى عنها.
ويشير مصطلح الدراية الإعلامية والمعلوماتية إلى قدرة الأفراد على الوصول إلى المعلومات، وتحليلها، وتقييمها بوعي ونقد، واستخدامها أو مشاركتها بمسؤولية. ويشمل أيضًا فهم كيفية عمل وسائل الإعلام، وكيف تُصنع الرسائل الإعلامية وتُوجّه، وما التأثيرات التي قد تتركها على المتلقي.
ولا تقتصر الدراية على المعرفة التقنية أو القدرة على استخدام الإنترنت، بل تتجاوز ذلك لتشمل أسئلة عميقة مثل: هل هذه المعلومة موثوقة؟ ومن هو مصدرها؟ وما الغرض من نشرها؟ وهل تحمل تحيزا أو تضليلا؟
وعمليا، تساعد هذه المهارة المستخدمين على التمييز بين الخبر والرأي، وبين المحتوى الحقيقي والمحتوى الزائف، وتعزز التفكير النقدي في التعامل مع النصوص، الصور، ومقاطع الفيديو.
فمثلا، خلال حرب غزة، وبحسب معهد بوينتر المختص بالدراسات الصحفية وممارسات وسائل الإعلام، أكثر من 70% من المحتوى المتداول كان مغلوطا وغير حقيقي تم توليده باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
والأمر نفسه ينطبق على أفغانستان والسودان وإيران ولبنان وسوريا وحتى الولايات المتحدة والدول الأوروبية، وحتى في النكبات الإنسانية مثل زلزال تركيا أو الأوبئة، وكورونا خير دليل على ذلك.
وحتى الآن لا يبدو الأمر خطيرا، إذ إنه مجرد معلومة خاطئة تُتداول، ولكن في كثير من الأحيان قد تكون هذه المعلومة أخطر من الرصاصة، تُطلق مرة واحدة ولا يمكن استعادتها أو تلافيها.
باحثون في كلية كينغز في لندن وآخرون من جامعة نيويورك أعدوا ورقة بحثية خلصوا فيها إلى أن منصات محادثة الذكاء الاصطناعي أصبحت مشهورة بـ"الهلوسات"، حيث تقدم إجابات غير دقيقة أو مبالغًا فيها على الاستفسارات والمطالبات من المستخدمين.
ففي زمن تنتشر فيه الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة بسهولة، تصبح الدراية الإعلامية والمعلوماتية أداة دفاعية للمجتمع وليس فقط للصحفيين أو العاملين في مجال الإعلام، تحميهم من الوقوع في فخ التضليل، وتمكنهم من المساهمة في نقاشات مجتمعية مستنيرة.
إنها ليست فقط مهارة معرفية، بل مسؤولية اجتماعية تضمن بناء مجتمعات أكثر وعيا واحتراما لحقوق الآخرين، وقدرة على اتخاذ قرارات مستندة إلى معلومات دقيقة وموثوقة.
تقرير: إيسامار لطيف