في مدينة تعبت من الخيبات، وشارع يحتفظ بذاكرة العالم، يظل مكان صغير صامدا كإبرة غرامافون لا تزيغ عن مسارها، في قلب الحمرا، حيث تختلط رائحة القهوة بصوت فيروز كل صباح، لا يزال متجر شيكو ريكوردز يعزف لحنا مختلفا، لحنا لا تسرقه الحروب، ولا تغرقه الأزمات، ولا تسكنه التكنولوجيا.

ديران ابن مؤسس المتجر شيكو خاتشيك، نشأ بين الأرفف، تنفس الموسيقى منذ الصغر، وعاش مع كل نغمة تتردد في أجواء المكان الفريد.

هنا لا تباع الأسطوانات فقط، بل تباع الذكريات، وتعرض أرواح المغنين على رفوف الزمن، ومنذ أكثر من 60 عاما، وشيكو يحرس صوت بيروت، بصبر، بعناد، وبحب لا يخفت.

توفي والده عام 2013، في الوقت الذي عاد فيه المتجر إلى بيع أسطوانات الفينيل فقط، أعاد مارديريان الروح للأسطوانات العربية، التي غالبا ما يصعب العثور عليها على الإنترنت.

المتجر نجا من الحروب، والتفجيرات، ومن الانهيار الاقتصادي، ومن الثورة الرقمية، إلى جائحة أغلقت شوارع المدينة، ثم انفجار بيروت الذي ترك جرحا لا يلتئم، كما أصحابه، بقي يقاوم، ويفتح أبوابه يوميا للحالمين، لعشاق الموسيقى والزمن الجميل.

وطالما أن هناك من يستمع ويعشق، سيبقى متجر شيكو ريكوردز نابضا بالحياة، حيث ستحكي الأسطوانات قصصا جميلة للأجيال القادمة، وتهمس الجدران بألحان الأساطير.

تقرير: حذام عجيمي