2025-07-30
رغم الروابط التاريخية والثقافية بين المغرب والجزائر، فإن العلاقة بين البلدين تتسم منذ عقود بالتوتر والقطيعة، تغذيها خلافات عميقة تتعلق بقضايا جغرافية وتاريخية وسياسية وآيديولوجية.
ويعد ملف الصحراء الغربية محور الخلاف الأبرز، فمنذ انسحاب إسبانيا من الإقليم عام 1975 يسيطر المغرب على المنطقة ويعدها جزءا لا يتجزأ من أراضيه، بينما تدعم الجزائر جبهة البوليساريو التي تطالب بإقامة دولة مستقلة وتستضيف آلاف اللاجئين الصحراويين في مخيمات تندوف على أراضيها.
وفي حين تؤكد الجزائر أنها تدافع عن "حق تقرير المصير"، يرى المغرب أن دعمها للبوليساريو يعد تدخلا مباشرا في شؤونه الداخلية.
ويضاف إلى ذلك تعقيد آخر يتمثل في إغلاق الحدود البرية بين البلدين منذ عام 1994 بعد تفجير فندق في مدينة مراكش، حيث اتهمت السلطات المغربية عناصر جزائرية بالتورط وقررت فرض تأشيرات على الجزائريين، فردت الجزائر آنذاك بإغلاق الحدود التي ما زالت مغلقة حتى اليوم رغم دعوات شعبية وتجارية لإعادة فتحها.
وترجع جذور التوترات إلى ما بعد استقلال البلدين، إذ اندلعت حرب الرمال عام 1963 بعد عام واحد من استقلال الجزائر على خلفية نزاع حدودي، حيث كان المغرب يطمح آنذاك إلى استعادة مناطق يراها جزءا من "المغرب الكبير"، ما أثار استياء الجزائر الفتية.
كما تغذي هذه التوترات تنافسا سياسيا واقتصاديا متزايدا بين الجارين في المغرب العربي والقارة الإفريقية، فقد أقام المغرب علاقات اقتصادية قوية مع دول غرب إفريقيا، في حين تعتمد الجزائر على شبكة تقليدية من الحلفاء ممن يتبنون مواقف "ثورية" أو مناهضة للتطبيع مع إسرائيل.
وفي هذا السياق، شكل قرار المغرب عام 2020 بإعادة العلاقات الرسمية مع إسرائيل في إطار "اتفاقات أبراهام" نقطة خلاف جديدة، إذ نال المغرب بالمقابل اعترافا أميركيا بسيادته على الصحراء الغربية، بينما عدت الجزائر التطبيع "خيانة" للقضية الفلسطينية وهاجمت الرباط بشدة على خلفية هذه الخطوة.
ومع استمرار غياب الحوار المباشر وارتفاع سقف الاتهامات المتبادلة، يبدو أن أفق المصالحة بين الجارين لا يزال ضبابيا وسط تحديات إقليمية متصاعدة.
تقرير: ربى حبشي