2025-06-18
ترجع جذور تقنية الطرد المركزي الغازي إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية، لكنها ظلت لفترة طويلة محصورة في الدول المتقدمة تكنولوجياً، نظراً لتعقيداتها الفنية وتكلفتها العالية. وقد شكّل الاعتماد على محطات الانتشار الغازي في البداية عائقاً أمام انتشار تقنية التخصيب، إلى أن جاءت طفرة التطور في أجهزة الطرد المركزي عالية السرعة لتغير المعادلة بشكل جذري.
تعمل أجهزة الطرد المركزي على مبدأ فيزيائي بسيط، يتم فيه تدوير أسطوانة بسرعات هائلة، ما يؤدي إلى انفصال النظائر، إذ تتراكم النظائر الأثقل في القاع، بينما تصعد الأخف إلى الأعلى. بهذه الطريقة، يمكن جمع نظير اليورانيوم المستخدم في إنتاج وقود المفاعلات، أو حتى في تصنيع الأسلحة النووية.
تمتاز هذه الأجهزة بعدة عوامل تجعلها مفضلة، فهي أكثر كفاءة بكثير من تقنيات الانتشار الغازي، وتستهلك طاقة أقل بنسبة تصل إلى 90%، ويمكن إخفاؤها بسهولة، بل وتشييدها تحت الأرض أو داخل منشآت صناعية مدنية. وبحسب بيانات عام 2007، فإن 72% من عمليات تخصيب اليورانيوم في العالم تتم عبر أجهزة الطرد المركزي، مقابل 28% فقط عبر محطات الانتشار الغازي.
لكن ما يثير القلق الدولي هو أن منشأة صغيرة تضم عدداً محدوداً من هذه الأجهزة، قادرة على إنتاج كمية من اليورانيوم عالي التخصيب تكفي لصناعة نحو عشرين قنبلة نووية سنوياً، إذا ما تم توصيل الأجهزة بطريقة عسكرية داخل سلاسل متعددة. وهذا ما يجعل من الصعب التمييز أحياناً بين الاستخدام السلمي والتوجه العسكري، ويزيد من حساسية أي تطور أو ضرر يطرأ على مثل هذه المنشآت.
في ظل التوتر المتصاعد في المنطقة، واستهداف منشآت نووية حساسة، تعود قضية التخصيب وأجهزة الطرد المركزي إلى واجهة الجدل العالمي حول الأمن النووي ومنع الانتشار، وسط مطالبات متزايدة بالرقابة والشفافية الدولية.
تقرير: علي الكبيسي