2025-06-27
في الأيام الأولى بعد الحرب الإيرانية الإسرائيلية انقلبت الرواية وتكشفت الحقيقة التي حاول كثيرون دفنها تحت عناوين الشعارات، عباس عراقجي وزير الخارجية الإيراني قال جملة واحدة وبكل برودة أعصاب: إيران ليست لبنان، لم يكن يتهرب، بل كان يعلن انتهاء صلاحية ما يسمى وحدة الساحات.
فإيران التي تباهت يومًا بأنها تسيطر على ٤ عواصم عربية تخلت عنها في أول مواجهة حقيقية، فلبنان الذي احترق مرارًا منذ النكبة إلى اليوم باسم القضية كان ساحة لإرسال طهران رسائلها إلى الدول العربية والغربية منذ أن أصبحت إيران دولة إسلامية.
وغزة التي قُصفت آلاف المرات تحت ذريعة حماس ودعمها الإيراني لم تكن سوى صورة على حائط في مكتب جنرال بطهران، سوريا التي سالت فيها الدماء من كل صوب كانت حقل تجارب وتدريب لعناصر الحرس الثوري لا أكثر.
واليوم، تتنصل طهران بكل برود من الجبهات التي روجت لها واحدة تلو الأخرى وتدفن بيدها المحور الذي أنفق آلاف الأرواح لأجله، قبل أن يقولها عراقجي كان كل شيء يشير إلى التخلي، فغزة تذبح وعاصمة المحور تكتفي ببيانات التهديد والوعيد.
فلبنان المنهار اقتصاديًا زجه حزب الله في معركة تحت عنوان جبهة الإسناد انتهت بخسارة مدوية وفقدان الصف الأول من قادته بشكل كامل، سوريا التي كانت تسمى قلب المقاومة توقف نبضها واليمن يناور بلحظاته الأخيرة.
ولم تعد هناك غرفة عمليات موحدة ولا رد موحد، فالساحات التي استبشرت الشعوب فيها خيرًا تحولت إلى جثث منفصلة تموت كل واحدة بصمتها الخاص أمام أنظار راعيها الإيراني.
ولم يكن كلام عراقجي زلة لسان، فطهران بعد الخرق الكبير الذي شهدته خلال حرب ١٢ يومًا قررت أن ترفع يديها عن الحطب الذي أشعلته وتتركه يحترق وحده.
ومنذ بدء طوفان الأقصى كل شيء حدث بتوقيع فارسي: الحرب، السلاح، الفتوى، والانسحاب، الذين صعدوا إلى الجبهات بإيعاز عقائدي عادوا منها بلا غطاء، والذين صدقوا أنهم يقاتلون من أجل القدس وجدوا أنفسهم يقاتلون من أجل نفوذ خامنئي في المفاوضات النووية.
لكن من يخبر آلاف العائلات التي دفعت أبناءها إلى الموت أن الحكاية لم تكن عن فلسطين ولا عن القدس بل عن توازن رعب إقليمي انتهى عمره الافتراضي، طهران تطوي الصفحة، لا محور مقاومة بعد اليوم بل محاور متقاطعة من الخذلان، وبذلك انتهى العرض وسقط الستار، وقيلت الحقيقة أخيرًا بعد أن احترقت وحدة الساحات.
تقرير: رائد المواس