Mask
Logo

أخبار-دولية

لماذا لم تستهدف إسرائيل المرشد الإيراني رغم توفر الفرصة؟

2025-06-27

في الحروب لا تكتب كل القواعد بالحبر، بعضها يحفر في جدار الخوف وفوق ركام السياسة وتحت دخان الجبهات، ليبقى هناك شيء لا يقال لكنه يفهم: لا تلمس الرأس، ليس احترامًا له بل خشية من التبعات.

وفي إيران لا يمسك خامنئي بالسلطة فقط بل يمسك بتوازن الرعب وعقيدة الأمة ومفاتيح الرد، هو ليس شخصًا بل رمز ونواة الدولة التي يدور حولها النظام، ولهذا لم يكن اغتياله خيارًا سهلًا لا للولايات المتحدة ولا لإسرائيل.

وقد قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في لحظة نادرة من الصراحة: لا أعرف ما يمكن أن يحصل إن تم استهداف خامنئي ولا أفكر بهذا السيناريو، هو لم يكن يخمن بل كان يحذر.

فقتل قادة الدول لا يربك فقط الحكومة بل يقوض أساس الدولة ويخلق فراغًا قد يفجر الداخل أو يغير موازين الحرب بطريقة يصعب توقعها، أحيانًا يكون وجود الرئيس العدو مفيدًا في المفاوضات أو لتحقيق أهداف الحرب، لذلك تفضل الدول إضعاف الخصم لا تفجيره.

فحين سقطت مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قبل نحو عام ساد الصمت ولم تتبن أي جهة الحادث ولم توجه اتهامات رسمية، لكن الغموض هنا ليس أمنيًا بل استراتيجيًا: هل كان ذلك اختبارًا لرد الفعل الإيراني؟

وجاء الجواب ضمنيًا، رئيسي على الرغم من رمزيته لم يكن صانع القرار في إيران ولا حامل مفاتيح الحرب والسلم، لذلك لم يتعامل النظام مع الحادث كاغتيال سياسي بل كمأساة وطنية.

وفي الحرب الأوكرانية لا أحد يمنع بوتين تقنيًا من اغتيال زيلينسكي، لكن القرار السياسي شيء آخر، فزيلينسكي يمثل الشرعية الأوكرانية وقتله قد يحوله إلى رمز مقاومة عالمي ويدفع حلف الناتو نحو مزيد من التصعيد أو حتى التدخل المباشر وربما سيحرج حتى أقرب الحلفاء ويدفعهم للتنديد أو الانسحاب من الدعم.

ولعل تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس بأن تل أبيب كانت ستقتل خامنئي لو أتيحت لها الفرصة يكشف بوضوح أن العائق لم يكن تقنيًا بل سياسيًا، الفرصة كانت موجودة وترامب كرر أكثر من مرة "نعرف مكان المرشد"، ولكن الحسابات التي تتعلق بتوازن الردع واحتمالات توسع الحرب منعت تنفيذ مثل هذا القرار.

ففي لعبة الشطرنج يمكن التضحية بالفيل أو الحصان أو القلعة لكن الملك لا يمس، إن مات انتهت اللعبة، والسياسة الدولية ليست شطرنجًا لكنها تلتزم بالفكرة نفسها، الرئيس أو الزعيم أو القائد هو رمز الدولة وقاعدة الشرعية وجسر الحوار في لحظات الجنون، وقتله يعني نسف كل فرص الوساطة ونقل المعركة من حدود الجغرافيا إلى قلب النظام العالمي.


تقرير: علي حبيب


Logo

أخبار ذات صلة