2025-04-09
بغداد، عشرون عاماً وأكثر، ذكرى مفصلية في تاريخ العراق المعاصر. في التاسع من أبريل عام 2003، تغير وجه البلاد إلى الأبد. عاصمة التاريخ والسياسة، مدينة المتناقضات، دخلت مرحلة جديدة تحت وقع الدبابات الأميركية.
سقط التمثال، وسقط معه نظام ديكتاتوري حكم بالحديد والنار عقوداً، وانفتحت الأبواب على مرحلة ما زالت ارتداداتها حاضرة حتى اليوم.
مشهد لا ينسى في ساحة الفردوس، تمثال يترنح ثم ينهار، جندي وعلم أميركي يرفرف في قلب بغداد. حرب اندلعت بذريعة أسلحة لم تُكتشف قط، لكن العالم تابع بصمت، فيما كان العراق يدخل عهده الثالث بأثمان باهظة، وأسئلة الهوية والمصير كانت تتسلل إلى مناطق لم تكن في الحسبان.
النظام القمعي انهار بسرعة، لكن ما تلاه كان أكثر تعقيداً وأشد قسوة. مؤسسات الدولة تهاوت، والفراغ السياسي أطلق العنف من عقاله، لتدخل البلاد في دوامة الانقسام والفساد والصراعات العابرة للحدود.
يوم التاسع من نيسان يراه بعضهم نهاية مرحلة مظلمة، فيما يراه آخرون بداية لفوضى لم تتوقف. يوم لا يُجمع عليه العراقيون، لكنه من دون شك غيّر مصير الجميع، وأطلق مساراً طويلاً من البحث عن استقرار جديد يعكس تعددية مكونات هذا الوطن الذي يسعى للتماسك بعيداً عن الهيمنة.
جيل عاش القهر، وجيل وُلد في ظل الدمار لا يعرف إلا ما بعد ذلك اليوم. جيل يسعى للبحث عن مكان له بين أطلال الماضي وآمال المستقبل.
واليوم، وبعد اثنين وعشرين عاماً، ما زالت الأسئلة مفتوحة، وما زالت الأحلام ممكنة. بغداد لم تعد كما كانت، لكنها لم تفقد نبضها. جيل جديد يحاول أن يكتب روايته خارج دوائر الحرب والخوف والصوت الواحد. وفي أطراف هذا الوطن، بدأت تظهر محاولات لبناء نموذج مختلف، يأمل أن ينجو من فوضى المركز ويعكس تنوع هذا الشعب في لغة جديدة، بلغة السلام والمصالحة.